تسويق المذاهب

2014-11-15 06:57

 

عن الوضع في وسع مساحة الوطن ، وتعريجا على ما يعتمل في الشمال وما تموج به من أحداث،  فان من يحاول ان يقنعنا ان انصار الله لديهم مشروع ايراني لتصدير المذهب الشيعي ، فاني  لست معه ، فليس من السهل تسويق عقائد ومذاهب وثقافات او مناهج ، فبريطانيا حكمتنا واستعمرتنا 129عاما ولم تستطع ان تقنع اي شخص في  ان يتحول الى المسيحية،  وهي حينها بريطانيا العظمى وفي ذروة سطوتها وجسارتها ورهبتها وجبروتها ،فقد كانت تخضع  نصف مساحة  العالم تحت إمرتها وقانونها بما فيه شبه القارة الهندية وهم اي الانجليز فقط حينها بعدد سكان ولاية صغيرة في الهند.

صحيح ان ايران يهمها ان تجد نُصراء وحلفاء لها وكذلك  تبحث عن من يؤيدهم ويساند دولتهم وتوجههم السياسي وليس المذهبي كمثل فنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية فضلا عن روسيا والعراق وسوريا .

إلا انه يمكن ان اقول عن ايران انها تسعى الى ان تتمدد وتتوسع مذهبيا ، وهذه حقيقة  بل انها  تتعاطف مع الاقليات الشيعية وتغدق عليهم وتمدهم بما يمكّنهم من رفع المظالم عنهم، كاقليات مهمشة سواءً في باكستان او في لبنان او غيرها من الدول .

 

وتأكيدا على ذلك فأنني لا أعرف ان في مناطق الشافعية الواسعة في الشمال من تمذهب بمذهب الزيدية تحت اغراء او تهديد حكام او ملوك آل حميد الدين اوعُمالهم في المناطق والمخاليف ،سواءً في تعز او الحديدة او في عموم المناطق الوسطى، بل ولم اسمع ان هناك من اغروه وليس ارغموه في التخلي عن مذهبه الشافعي والتحول الى المذهب الزيدي .

 

وفي ذروة وقوة حكام الشمال ‘‘الزُهاد ‘‘ آل حميد الدين ، لم يرغموا مواطنا   من الاسماعيلين او البهرة او الاحمدية ، في التخلي عن مذهبه بل أنهم كانوا يعترفون بهذا الاختلاف المذهبي ‘‘المحمود‘‘ ويفاخرون به ويحافظون عليه فهو يمثل سعة لا ضيق .

 

في الشمال والجنوب وعبر التاريخ، كان ولم يزل هنا تعدد مذهبي مُلهم و رائع وخلّاق ومبهج وثري ، وفي نفس الوقت فهنا في وطني شماله وجنوبه يعيش جنبا الى جنب الشافعي و الصوفي والاحمدي و الاسماعيلي و البهري بل والعلماني و اليهودي ، ولم اسمع انهم اغروا او ارغموا  اليهود على ترك دينهم ، بل حموهم ودافعوا عنهم حتى جاءت السياسة وتوطين اليهود في اسرائيل فاختلت الموازين بفعل فاعل .

 

اذن فلماذا كل هذا الريبة ووصم انصار الله انهم يهدفون الى تمذهب اليمن ؟ والى اليوم فهم اعملوا الحكمة وصبروا على مصابهم الأليم وتحمّلوا خطوب وويلات عظيمة ولم يروجوا لمذهبهم -السمح- بل ولم  ينتقموا الّا في حالات فردية نادرة من خصومهم ، وهو  الاستثناء الذي يثبّت القاعدة ، وهناك تراجع وسماع للنصح وحكمة مشهودة لهم و من قبل قادتهم العقلاء عند النصح والعتب او عند  ارتكاب الخطاء .

 

ويخالجني شعور في انهم الاقدر على ترسيخ العدل واستئصال الفساد الذي استشرى في الشمال واصبح مرضا مستعصيا .

على ان الدولة المدنية لا تؤسس الا بتوطيد وبترسيخ دعائم الامن والعدل والتسامح  وهذا ما يلمحون له في كل تصريحاتهم وبياناتهم   .

 

كما وانهم ‘‘كما أرى‘‘ الاقدر والاخلص والاوفى على توطيد وبناء علاقة شراكة وثيقة ومكينة وشفافة مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية ودول الخليج بل وامريكا واوربا.

 

وعودا على بدء ، فأنني اشعر ان انصار الله ليس لهم مطامع في الجنوب، وليس من الحكمة ايذاء ابناء الجنوب او اكتساح أرض الجنوب ، فسوف نقاوم كما قاوموا، وسوف ننتصر باذن الله كما انتصروا، وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه قال اذا اكرهك المعتدي لقتاله ،ورغم جبروته فقم لقتاله فان الله لا ينصر الباغي .

 

على انهم اي انصار الله و‘‘ انصافا ‘‘ قد اوضحوا ذلك ولمّحوا اليه مرارا وتكرارا ، بانهم مع القضية الجنوبية .

وللعلم لم اسمع في خطابهم الرسمي والاعلامي كلمة ‘‘المحافظات الجنوبية ‘‘ بل الجنوب .

 

وهذا يدل على تفهمهم واتزانهم واعترافهم بقضيتنا . اذن على من يتوقع غير ذلك اقول له اقراء الخريطة السياسية وخطوط الطول والعرض ولا تستعجل في التحليل والاستنتاجات . فالعجلة ام الندامة .