في البدء أتوجه بعظيم العزاء للشعب اليمني الشقيق الذي فجع مؤخرا باغتيال واحد من أهل العقلانية والمدنية والوسطية في اليمن وهو الدكتور محمد المتوكل رحمه الله .. وكوننا جنوبيين معترضين على صيغة الوحدة وفكرتها ومبرراتها ولا نعترف بوجود سوى الاحتلال .. لا يعني أن لا نتألم لآلام إخواننا في اليمن ونحزن لمسلسل الخسائر الفادحة التي ينزفها الجنوب وينزفها اليمن أيضا نتيجة إصرار على خط سير مناقض للمنطق والعقل وغير متوافق مع الإمكانيات والوضع السياسي الداخلي الهش .
تابعنا كممتنعين عن الخوض في إخفاقات تجربة اليمن السياسية الحديثة منذ 2011 إقرار إخوتنا اليمنيين وأدواتهم الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني وتوصيفهم بأن القضية الجنوبية هي محور جميع المشاكل في اليمن وهي القضية الأساسية التي يمكن إن يحلحل حلها جميع العقد والقضايا المحلية الأخرى ..
وبما أنهم قد وصلوا لهذه القناعة في ضرورة حلها وأهميتها بالنسبة لنا ولهم ولمستقبلنا وأمننا ومستقبلهم وأمنهم المفقودين منذ سقوط حكم البلدين بيد عصابات مجرمة تتأكد اجراميتها وتزداد وحشيتها كلما تأخر قطع رأسها .. كان لزاما على اليمنيين التحلي بمسئولية اكبر في تفسير القضية الجنوبية وقراءتها بشكلها الصحيح والاستماع لرأي الجنوبيين الثائرين في الساحات ووضع الحلول العادلة والمرضية لهم خصوصا وإنهم قد أكدوا رفضهم استمرار ذلك الاحتلال القائم منذ حرب 94 ولو بالوهم الفيدرالي أو خلافه من الأوهام التي لا تحل قضية سياسية عادلة مثبتة وقائعها دوليا وإقليميا ومحلياً في ضمائر الكثير من الشاهدين والجهات الدولية .
في الحقيقة لقد أصبحت القضية الجنوبية لعنة التاريخ للمشهد السياسي في اليمن منذ احتلال الجنوب بعد حرب ناتجة عن وحدة فاشلة لدولتين لم يستفتى شعبيها وتتسبب هذه الإشكالية وهذا الوضع باستحالة وضع حل أو صيغة تمهد لاستقرار سياسي يقود لاستقرار أمني ولو تدريجياً . ففي الوقت الذي تتجاهل النخب اليمنية والأصوات المؤثرة القضية المحورية وينصرفون عبثا لإهدار الوقت في حلحلة قضايا فرعية لا سبيل لحلحلتها بدون حل العقدة الرئيسية يستمر نزف الدم ورصاصات الموت ومفخخات الغدر في سياقها بقية الانتهاكات والاختلالات .. ومنطقياً يبقى أمر البلاد ومستقبل الشعبين رهن متوالية خطف للمصير التي يتدوالها العابثون من عفاشيون فاسدون ثم حوثيون أو متطرفون يجوسون أحلام الناس ومستقبل احفادهم .. ليحرمون الإنسان فرص الحياة ..
عظم الله أجركم آل اليمن جميعاً في مصابكم وتغمد فقيدكم بواسع رحمته .. وفي مقام العزاء هذا ندعوكم بكل صدق وأمانة إلى الوقوف بمسئولية مع أنفسكم وصدق مع واقعكم .. وقول كلمة حق لأجل قضيتنا وقضيتكم -الرئيسية- قضية "الجنوب العربي" المحتل وشعبه المضطهد وحقه في تقرير مصيره واختيار مستقبله .. لأجل أبنائنا وأبنائكم وأحفادنا وأحفادكم .. فأن لم نكن قد هيأنا لهم مستقبل آمن.. فلنورث لهم حل عاقل و خطاب رشيد منصف يأخذهم سبيل الرشاد ليخرج الشعبين من نمط البؤس هذا ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد بن ماضي
3 نوفمبر 2014م