مؤسف ما نشاهده هذه الأيام من تدافع للبيانات والتصريحات بين عدد من قيادات الحراك الجنوبي السلمي بقطاعاته المتنوعة المتفقة على هدف التحرير والاستقلال والمختلفة في تفاصيل حول مسألة مهمة هي الهوية الوطنية لدولتنا الجنوب الجديد المنشودة على حدود ما كان يعرف قبل ذوبان عام 1990م بـ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية, قضية الهوية تلك أثارتها وثيقة أسس ملامح دولة الجنوب المستقبلية وهي واحدة من أهم وثائق المؤتمر الجنوب الجامع للتحرير والاستقلال والتي نصت على أن تسمية الدولة المستقبلية للجنوب ستكون باسم دولة أو جمهورية : ( حضرموت العربية ) أو ( الجنوب العربي المتحدة ) وعاصمتها عدن .
ولأسباب موضوعية يراها صنّاع الوثيقة ولعدم تمكين عجلة التاريخ من إعادة نفسها وإنتاج ذات الخطأ عملت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع على تغييب خيارات اليمننة جنوبيها وديمقراطيها التي كانت يوما الخيار الثالث لذات مسألة هوية الدولة عندما طرحت في ستينيات القرن الماضي وكان السبب الذي ساقنا لكارثة الوحدة التي يتصدي لها شعبنا اليوم .
ولعل المشكلة تتجلى بوضوح في خطاب الشيخ عبدالرب النقيب مؤخراً للمناضل حسن أحمد باعوم .. خطاب النقيب كان صريح البيان بأن هناك فريق يقف خلف النقيب لا يدعوا لإضافة هوية اليمننة كخيار ثالث لخيارات هوية الجنوب الجديد المحتملة ( حضرموت والجنوب العربي ) وحسب .. بل أن هذا الفريق يؤكد أن تبني الهوية اليمنية شرطاً أساسياً لتمكين شعب الجنوب من نيل استقلاله ويرفض أن تكون أي من الهويتين الأخرى هوية سياسية للجنوب الجديد .. وبدونها- اليمننة - يرى أن قانونية قضيتنا المصيرية غير مكتملة الأركان !
كنت سأتفهم مطالب الشيخ النقيب لو انه طالب بإضافة الهوية اليمنية التي يدعونا إليها إلى استفتاء مع الهويتين الأخرى لعلمي بأنها لن تحظى باهتمام الجنوبيين الذين اكتووا بنارها أولا .. ولسد الذرائع ثانياً .. وحتى لا نشعل الحرائق حول المسائل الثانوية ونحن على مشارف المؤتمر الجنوبي الجامع للتحرير والاستقلال الذي نعول عليه أن يكون الخطوة العملية الأولى نحو الاستقلال الناجز والجنوب الجديد .
أما فرض الآراء والرؤى وتسطيح الشعوب واستغفال الناس لجرهم ثانية إلى باب اليمن .. فقد ولى زمانه إلى غير رجعة .. وشعب الجنوب لن يلدغ من ذات الجحر مرتين ..