على مشارف وطن

2014-10-31 04:52

 

عندما حشد الشعب الهندي عزمه على نيل استقلاله وأصر على ذلك مهما كلّفه هذا الحشد و النضال من تضحيات ،كانت تحذيرات بريطاينا لزعماء الثورة ، ان الهند ستعاني من فوضى وسوف تتشتت وستمر عليها ويلات و مراحل فقر ستضرب صميم المجتمع وتصدعه .

 

كانت هذه الامور ماثلة في اذهان قادته وعلى رأسهم الزاهد والمحامي والسياسي المتصوف القائد المهاتما غاندي وكذلك الزعيم نهرو . وكان دائما رد القادة الهنود لفريق المفاوضات على نيل الاستقلال ، دعونا وشاننا ولا ترهبونا في امور ندركها جيدا وسيكون الفقر فقرنا والفوضى فوضويتنا .

 

ولقد عانت الهند وتصدعت ولكنها تماسكت ولم تهمي دموعها عند قصر باكنجهام تلتمس الصدقات والاعانات ، ورغم انفصال اجزاء اثيرة وغالية من الارض الهندية وانسلاخ باكستان الغربية والشرقية اي بنجلادش، الا انها ضمدت جراحاتها وشمخت وكذلك باكستان .

 

وباكستان اسم اطلقه عليها السياسي والثائر والمحامي مؤسس باكستان محمد علي جناح.

وهي اختصار من اسم بلاد البنغال وكشمير Pa ki stan و باكستان اليوم بلاد نووية ومهابة، وسوف لن تتخلف عن ركب الهند وهي اليوم في طور تشكيل سوق مشتركة مع الهند ، بعد عقود من التناحر والاحترابات .

 

وكما قلت فأن الهند تشمخ وتتسامق وهي في طريقها الى ان تتعملق وتصبح دولة عظمى وارفة ومهابة وجسورة. ولا تسخرون من الهنود الذي يعملون معكم ، بل وقروهم واحسنوا اليهم ! فربما سياتي يوم سيكونون كفلاء لنا ونحن نعمل في مومباي او حيدر اباد .

 

اعود الى موضوعي ، ونحن اليوم على مشارف تحقيق منجز وطني، اناشدكم اليوم في رص الصفوف، وكما نوه الدكتور عيدروس النقيب الذي اشار بمقال له ، الى اهمية لم الشمل ضمن أئتلاف وطني شامل لا يستثني احد تمهيدا لنيل الوطن استحقاقاته ، دون ان يصيبنا التسابق على- القصعة- فتذهب ريحنا ونعود الى حروب داحس والغبراء ،فانا اضم صوتي الى صوته، مناشدا ان نكبر ليكبر معنا الوطن وان نتنازل لبعضنا ونمارس السخاء الوطني من اجل الوطن .

 

وعلينا ان ننضوي في تجمع وطني يحفظ لنا كياننا ويحول دون دسائس الاعداء، بهدف تمزيقنا وتشظينا فتشمت بنا الامم -ونجهل فوق جهل الجاهلينا - فلا خير فينا اذا لم نتسامح ونتنازل لبعضنا بكل اريحية.

والتجارب ماثلة من تاريخنا الحديث عندما اعلن استقلال الجنوب العربي فلقد اقصينا شرائح وتيارات وطنية مؤثرة وصادقة وحصيفة ، واحتكرنا الطهر الثوري والوطنيات والحكمة لفريق تفرد به ، فاصبح قليلا بنفسه عندما ضيع خير واخلص اخوته .

 

على انني كلما التقي بشخصية نابهة وهو الشيخ عبد العزيز عبد الحميد المفلحي، ويدور حورا بيننا عن شجون وهموم الوطن ينوه هذا الشاب السياسي الحصيف الى اهمية التسامح والتصالح مع كل الاطياف في الوطن . ويردد لماذا من يخصونهم بالتسامج والتصالح هم فئة واحدة احتربت واختلفت اي فرقاء الحزب الاشتراكي ؟ بينما يجب ان يشمل التسامح والتصالح كل الاطياف وكل الفئات.

 

ويردد انه يجب ان يكون هذا التصالح والتسامح شامل و مظلة يستظل تحت افيائها كل الوطن ومن مختلف الشرائح فلا يستثني احد.

وهو يعني بهذا ان سلاطين الجنوب ومشايخها هم في قلب دائرة التصالح والتسامح فضلا عن جبهة التحرير، ومكونات عديدة نُكل بها وعانت الكثير من القهر والاجحاف والجور ومن ذلك حزب رابطة ابناء الجنوب العربي ، وهي الجهة او الحزب والجبهة الوحيدة التي سبقتنا فكرا ونضجا وكانت ولا زالت عبر تاريخها تسعى الى تذكيرنا ان مكاننا الحقيقي هو في ترسيخ علاقة خاصة مع الخليج وعلى الاخص الشقيقة الكبرى- الممكلة العربية السعودية -.

والمملكة بصدق وبملىء الفم هي الحل الشامل لمشاكلنا بل والترياق السحري للشفاء من كل امراضنا المزمنة .

 

اليوم وفي الجنوب نحن على مشارف تجسيد الحلم الى حقيقة، ولقد مرت مياه كثيرة في نهر الوطن، بعضها كان ملونا بلون الدم وبعضها معكرا وبعضها أُجاجا ، ولكننا رغم هذا نستشعر الامال ونعيشها بل انها قبض اليد .

وفي خضم هذه الاحداث علينا بلم شملنا بالدعوة الى الانضواء ضمن تكتل وطني شامل يحفظ لنا وطننا ويحفظنا. مثل هذه الخيارات هي ضرورات ملحة بل أنها بمثابة طوق النجاة .

 

كما و يجب ان نمهد لهذا المنجز والاستحقاق، برسائل تطمينية صادقة الى اخوتنا في الشمال ،فحوى هذه الرسائل ان ما يشدنا الى بعضنا لاقوى من كل أسماء -وبراميل- ملونة توضع على نقاط الحدود، واننا معاً في السراء والضّراء، واننا وان خسرنا ارتباطا مؤقتا ، فلن نُحبط ولن نخسر محبتنا ووشائجنا ولن نتنكر لتاريخنا، و لا مفر لنا الّا محبتنا لبعضنا وتكاتفنا وتوثيق روابطنا لننتصر على كل مآسينا وهواننا وتخلفنا وقهرنا .