ستدور في اليمن كلها معارك طاحنة تحت دواعي محاربة الإرهاب ودحره. الإرهاب هذا بغيض، والوهابية أعمت عيون اليمنيين طويلا وأحالتنا إلى شعب منشغل بالتوافه وبالعورات؛ لكن أن يتصدر الحوثيون لوحدهم للمعركة أو يجعلون منها ذريعة للتوسع فإنهم بذلك لا يستفزون أطراف الصراع الأخرى فحسب بل سيرهقون أنفسهم ويكررون أكذوبة الأمريكان وهم يدخلون إلى كل زغط بحثا عن تنظيم القاعدة.
الواجب العام أن تكون هذه الحرب على الإرهاب هي حرب الدولة؛ ولكن أين هي الدولة؛ ما عد حد بقى لها بقى.
وفي كل الأحوال لا يمكن دحر الإرهاب إلا عندما نبذل جهدا صادقا للقضاء على أسبابه كالفقر والبطالة والمستقبل المظلم لطاقات الشباب وإعادة حصص الرسم والموسيقى والمسرح والتربية البدنية إلى المنهج المدرسي.
بسبب غياب تلك المناشط الثقافية والفنية - فضلا عن شيوع الفقر- استطاعت مخالب الإرهاب خلال الثلاثة والثلاثين السنة الفائتة اصطياد قطاعات واسعة من الشباب الذين فقدوا الحلم وتحولوا إلى طاقات معطلة حتى جاءت فرق الموت والجهاد وسخرت تلك الطاقات المهدورة لصالح مشاريع متزمتة وأحالت طاقات الشباب الحبيسة إلى أحزمة ناسفة وأصابع من ديناميت.
الحوثيون أيضا وجدوا في طاقات الشباب المهدورة مغنما للتضخم واستطاعوا -بطاقات الشباب ذاتهم-أن يصبحوا خلال فترة وجيزة أضخم جماعة دينية.
الجماعات الدينية عموما تقوم على استغلال بؤس الناس وإحالتها إلى دين يتفجر في الوجوه بوصفها أعلى حالة سخط تصل إليها الطاقات الكسيرة .
كتب مونتسكيو- بالمناسبة- في الرسائل الفارسية "في عالم يجرؤ فيه البائس على مقارنة نفسه بالقوي، حيث يصبح صلبا لا يقهر وهو يقارع القوي عن طريق التضحية بالنفس كسلاح أخير؛ فإن القدرة على الإقناع والحوار هي الطريقة الأفضل لضمان السلام" والحروب لا تورث غير الدمار والكراهية والأحقاد وهذه البلاد والله ما عادها ناقصة وجع رأس.
اليمن اليوم