إن ملكة بريطانيا تعتبر نفسها أنها في خدمة الشعب البريطاني، وكذلك الرئيس الأمريكي ـ أكبر دولة في العالم ـ يضع نفسه في خدمة الشعب الأمريكي ولا يسمح لنفسه أن يتخذ أي قرار يضر بشعبه أو بأفراد من شعبه.. أما في بلادنا فحدث ولا حرج، فأنا هنا لا أتكلم عن رؤساء الجمهورية الذين يحق لهم إصدار قرارات جمهورية ملزمة وأحيانا تكون خاطئة وتضر بأفراد من الشعب، ولكن أقول إن لهم الحق في إصدار قرارات ملزمة كانت صواباً أو خطأ، ولكن أريد أن أتحدث عن الموظفين الكبار من درجة وكيل ومدير عام ورئيس مجلس إدارة ونحو هذه المناصب، يضاف إليهم المحافظون ووكلاء المحافظات ومن بدرجتهم، هؤلاء لا يخصوننا نحن المواطنين في هذه الحياة، فأول ما يتعين واحد منهم في منصبه يعتقد أنه تم اختياره لأنه فلتة زمانه وأنه عبقري لا لأنه قريب فلان المسئول في الدولة وأنه نافق وتودد لمسئول آخر.
ومن أول يوم لطلوعه المنصب تتفتق قريحته عن أفكار جهنمية، ويصدر قرارات مزاجية لا يفكر أن قراره ذلك قد يؤذي فلانا أو علانا المغلوب في هذه الدنيا، ويعيش حياة أقل ما يمكن القول عنها إنها تعيسة.
الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال هو النكبة الجديدة والقرار الذي اتخذه مدير عام أو رئيس مجلس إداراة الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات غير المدروس والذي يندرج ضمن القرارات المزاجية، وأنا متأكد أنه لو سئل لماذا اتخذت هذا القرار أنه سيطرح مبررات وآراء رنانة عن المصلحة والواجب وخدمة المواطنين.. مع أنه ظلم وزاد من عذاب شريحة من البشر قدمت زهرة عمرها في خدمة المواطنين والشعب، وكانوا في يوم مضى يديرون منصبا أكبر من منصبه ولم يظلموا أي واحد لأنهم كانوا يطبقون القانون الذي فيه مصلحة الشعب والمواطنين. والقرار الذي أصدره هذا المسئول في الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات هو ألا يتسلم المحالون للمعاش رواتبهم إلا بالبطاقة العائلية، لماذا؟ الله وحده يعرف ذلك والمسئول الذي أصدر القرار.. مع أن بطاقة المعاش بحد ذاتها وثيقة رسمية وعليها صورة صاحب المعاش.. والغريب أنها صادرة عن هيئته التي يديرها وهي صدرت بعد فحص وتدقيق من موظفيه.
الذي لا يعرفه هذا المسئول الذي أصدر القرار أن المحالين للمعاش يعانون أصلا من مكاتب البريد الذين يدفعونهم إلى دفع مبالغ مالية لسماسرة مكاتب البريد من 500 ريال إلى ألف ريال، مرة بحجة “ما فيش فلوس” مع أن هيئة المعاشات تدفع كاملا جميع المعاشات لهيئة البريد، ومرة أخرى “ارجعوا العصر با نجمع لكم فلوس من إيرادات الكهرباء والماء”.
وهذا المدير أو الرئيس قابع في مكتبه المكيف لا يدري ما يعانيه هؤلاء المحالون للمعاش، وكثير منهم لا يستطيع المشي إلا بصعوبة، وبعضهم قد دار على أكثر من مكتب بريد لعل وعسى يدفعون له معاشه الذي استحقه بعد سنين طويلة من خدمة الوطن والشعب.. والغريب أن أكثر مكان يعاني منه المتقاعدون هو مكتب بريد خورمكسر، والغريب أنه يوجد فيه مكتب مدير عام البريد، ولكن الحق يقال، هناك مكتب بريد ممتاز، يذهب إليه أغلب المحالين للمعاش من جميع المناطق، يعمل في هذا المكتب شباب رائعون لم يقولوا يوما ما فيش فلوس ولم يرجعوا أبدا واحدا مهما كان العدد أمامهم ولو ظلوا يعملون بعد الدوام الرسمي، هذا المكتب الرائع والعاملون الجيدون فيه هو مكتب بريد (عدن مول)، كثر الله من أمثالهم، واللهم احفظ عدن.. أمين يا رب العالمين!.
* الأيام