في جمهورية زائير ، وفي قرية نائية في ريفها الفقير هناك قرية اسمها -كيكويت- وفي بيت من القش تسكنه اسرة فقيرة تستعين على معيشتها في بيع الفحم النباتي. نهض الحطاب مبكرا ومسرعا من فراشة ولم يتناول كالعادة طعام افطاره وفضل ان يسابق الزمن ويستعجل في الذهاب الى الغابة لجمع الحطب والعودة الى منزلة وتحويله الى الفحم ومن ثم بعيه في سوق القرية .
وبينما الحطاب ينتقل في الغابة جامعا للحطب ،عضه الجوع فذهب الى شجرة كانت اغصانها مثقلة ببعض الفاكهة البرية وحاول ان يتسلق الشجرة لقطف بعض ثمارها ألا انه لفت انتباهه في ان بعض الثمار قد سقطت على الارض بفعل نضوجها من الشجرة . بداء الحطاب يختار من هذه الثمار الاجود وكانت لشدة دهشة ان الثمار التي تركها الخفاش بعد ان قضم منها قضمة هي الأطيب ، فكان ان تناول منها الكثير والقى ببقية من الثمار في حقيبة جلدية وبدأ طريق عودته الى البيت .
كانت الرحلة رغم قصرها مضنية ومرهقه وسقط لمرات لشدة الاعياء وليس كعادته ان تخونه قواه بهذا الشكل اللافت.
وصل الحطاب منهكا الى البيت وطلب من زوجته ان توقد في الحطب وتحوله الى فحم لكي يتولى بيعه في اليوم التالي في سوق القرية . لكن زوجته دهشت لضعفه بل وأنهياره ، وبداء عليه علامات الاعياء الشديدة ثم ارتفعت درجة حرارته واصابته نوبات غثيان واسهال وفي اليوم التالي شاهدت المرأة زوجها وخيوط من الدم تنساب من آذنيه وأنفه .
كان يتسفرغ بكل ما في جوفة باستمرار وتصاحبه نوبات صداع والتهاب شديد في الحلق وبعد ايام اخذ النزيف يشتد منه، منسابا من كل ثغرة في جسده واسلم الروح بعد ثلاث اسابيع من العذاب
. .
بعد ايام من وفاة الحطاب وجدت عائلته نفسها في قبضة هذا المرض العضال وانهارت كل الاسرة تعاني من نزيف حاد واسهال دموي شديد.
زارهم طبيب الحي ليجد ان وظائف الكبد والكلى قد تضررت ، وما هي الا بضعة ايام حتى رحلت الاسرة الواحد تلو الآخر بعد أن نزفت حتى الموت ورحل الطبيب بدوره بعد اسابيع وتوفى كل عمال المقبرة وكل من زاروا المرضى من اقاربهم في ذلك الحي الفقير . .
رفع احد الاطباء تقريره وقدمه الى المستشفى وعند طلب الطبيب للمقابلة كان قد اصيب بالمرض وتوفى خلال 21 يوما من العدو بعدوى مرض فتاك يسمى -ايبولا النزفية- وهو مرض ينقل عبر فيروس مراوغ الى الان صعب على العالم ايجاد وقاية او علاج له او مصل لتلقيح المرضى ومنحهم المناعة علما ان تاريخ ظهور المرض كان قبل 60 سنة
رغم الحملة الدولية وارسال العلماء لمكافحة هذا المرض الذي استباح الارض السيراليونية وعدة دول افريقية ومنها زائير والنيجر جمهورية الكونغو الديمقراطيبة وليبيريا وغينيا وهو شديد العدوى وقاتل رغم ان البعض افلت منه ومنهم بعض الاطباء المتطوعين الاجانب الذي نقلوا الى امريكا في طائرة خاصة مع فريق من الممرضين يرتدون الواقيات وكانهم رواد فضاء
لم نسمع في الدول العربية من يتحدث ويقرع الاجراس محذرا من هذه الجائحة وهم على تماس مع افريقيا .والتي ربما ان اصابت بانتشارها كل دول افريقيا واذا اصابتها فسوف تقوض اقتصادها وتجارتها وتهلك الحرث والنسل ومن ثم تنتقل على دول الجوار العربية فتهلكنا وفوق مجازرنا تاتي مجزرة ايبولا لتتمم علينا
وإيبولا- مرض شديد العدوى وان كان لا ينتقل عبر الهواء الا انه من العدوى ما يجعل اي ملامسه مباشرة لمصاب، معدية ومهلكة ولم يفلت من المرض الا ما نسبته 3 % وهي نسبة قليلة جدا بل مخيفة وتظهر شراسة الفيروس وعدوانيته انه فتك الى الان ب 3000 الف مريض .
والعدى تنتقل من اي تلامس مع المريض وعند استخدام الحمامات ومن رذاذ اللعاب المتطاير وادوات الحلاقة والجراحة والمعدات الطبيبة والابر الطبية والتعامل مع جثث الموتى فضلا عن نقل الدم . وتنقله الينا كوسيط آمن لا يتاثر خفافيش الفاكهة القرود والخنازير
ولكن ما انا بصدده بعد هذه المقدمة عن اخطار المرض ان الرئيس الامريكي براك اوباما هو الرئيس الوحيد الذي اولى هذه الجائحة المخيفة والمرض العابر للقارات، اولاه اهتمامه وحشد له كل حشوده فهو يعتزم إرسال حوالى ثلاثة ألاف عسكري أمريكي الى غرب إفريقيا للمشاركة في مكافحة فيروس ايبولا، بحسب ما أفاد مسئولون أمريكيون كبار.
وسيعرض اوباما خطة عمله خلال زيارة الى مقر مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في اتلانتا مع شن حملة توعية عالمية حيث سيرافق المتطوعين ال 3000 ثلاثة الاف جندي للمساعدة في مكافحة حمى ايبولا سيرافقهم العديد من الخبراء والعلماء واخصائي الفيوروسات مزودين ببعض الامصال التي لا زالت تحت التجريب .
ويأتي تعهد امريكي إضافي بعد تخصيص واشنطن بالفعل لمبلغ 175 مليون دولار حيث ومن المقرر أن يطلب أوباما من الكونجرس أموالا إضافية، كما تعتزم وزارة الدفاع تخصيص نحو 500 مليون دولار من ميزانيتها لتمويل الكثير من عمليات مكافحة إيبولا.
لقد اعلنت منظمة الصحة العالمية ان مرض او حمى ايبولا يهدد العالم فضلا عن افريقيا وان التجارة والسياحة والانتقال بين العالم والقارة السوداء سيتوقف اذا لم يهب العالم ليساعد افريقيا التي تنوء تحت ثقل الفقر والجوع فاتت الطامة الكبرى كارثة حمى ايبولا التي جعلت جمهورية سيراليون تعلن حضر التجول لمدة 3 ايام لكل ساكني الجمهورية بقصد التفتيش بيت بيتا وزنجة زنجة عن كل المصابين ونقلهم الى محجر صحي ربما من خلاله سوف يحدون من انشاره الى كل سكانهم بل والعالم
لقد تسلم الرئيس الامريكي اوباما جائزة نوبل للسلام وهو لم يحقق مشروع سلام يذكر، ولكن وبعد هذا الأعلان ووصول الرقم التطوعي الكامل من الاموال الى 850 مليون دولار مع 3000 الاف متطوع عسكري يرافقهم علماء واطباء في علم الفيروسات للحد من هذه الجائحة فهو اي الرئيس الامريكي هنا يستحق اكثر من جائزة نوبل
.
انتظر الكثير من امريكا لكي تكّفر عن ذنوبها ومنها الوصول الى سلام في الشرق الاوسط بين اسرائيل و الفلسطينيين فمن المعيب في عالم اليوم ان نرى صراعات وقتل للاطفال والنساء وفتك ودمار كالذي شاهدناه في غزة
ومن المعيب ان اسرائيل كرهت الحرب وضاقت ولكن العالم لا يساعدها في هذا الامر، و قد يجهل الكثيرون ان اكثر المتضررين نفسيا من الحرب في الشرق الاوسط هم سكان اسرائيل فهم يحاربون دون مبرر ويقتلون دون مبرر ويتوسعون دون مبرر . وهذا ما تاكد لي منه بعد حضوري بعض المحاضرات ليهود تعبوا من القتل والحروب ويتمنون لحظة أمان وتعايش مع محيطهم .
للرئيس الأمريكي - ابوما - اقول لقد قمت بعمل جليل ولكم فيه حسنات وللشعب الامريكي الشكر على هذه المواقف الانسانية التي تشكل فروسية الرجل الامريكي والحكمة الامريكية التي فقدناها منذ زمن طويل.لقد كنت قد نفضت يدي من تعاطف امريكا وشفقتها على العالم من حولها، وكنت اعتبرها قد قست وتحجرت مشاعرها وانها اصبحت لا تجيد الا الحروب والفتك ، ولكن امريكا اليوم ابرزت وجهها الانساني فهي تجيد حشد العون وجمع التبرعات السخية واعمال الاغاثات وما قدمته لمحاربة ايبولا لن تنساه افريقيا والعالم .
ان ذنوب امريكا كثيرة، ولكن الحسنات يذهبن السيئات.