ايران الى اين ؟..

2014-09-27 15:57

 

اعتقد ان هناك بعض المتغير -العميق وليس السطحي - في السياسة الايرانية وبعض من يدفع بهذا المتغير بل ويتوق اليه ويعمل له بدأب هم طبقة الشباب او جيل ما بعد الثورة الخمينة . ففي ايران اثبتوا الشباب ايام العصيان والانتخابات وسقوط موسوي مرشحهم ومن قبلة توارى خاتمي وهو رجل معتدل وكان الشباب الى جانبه اثبتوا تململهم من التظام الحالي و يتوقون إلى الانفتاح السياسي والاقتصادي وبعض الانفتاح في التعبير وفي الاعلام وفي عموم مناحي الحياة وبل يجّدون ويبحثون في الخروج من عباءة المفتي، فالشباب عادة متمرد وجامح .وايران دولة عصامية تلزم وتلتزم بالجدية والقسوة والصرامة وهذا لدأب مضني ومرهق بالتاكيد .

 

كما ان الديمقراطية في ايران وان كانت -معقولة - ولكنها لا تشمل في جوانبها كل مناحي الحياة مثل الصحافة والنت والاتصالات والاسفار وحرية اعلان مكونات او منظمات مجتمع مدني فضلا عن السفر وحرية تشكيل احزاب كبقية الدول المجاورة وبالذات الاوربية . وللعلم فهم اي الفرس اوربيون - الأرومة- وتشدهم الى الغرب ثقافة قوية متمكنه في وعيهم وهذا ما الاحظة في كندا وامريكا ، ولكن ما يشدهم اكثر هو الشرق العربي لغة وعقيدة ومصالح وجغرافيا .

 

وعن ايران اليوم ؟ فان الاغداق او الدعم السخي على الابحاث العسكرية قد انهك الاقتصاد الايراني ، علما ان لا حدود للابحاث العسكرية فهي كالأفق كلما تقترب منه ينأى عنك ، وقد تمتلك القنبلة الذرية ولكنك في خضم تقوية عضلاتك تحتاج الى انعاش قلبك ومعنوياتك وسعادتك ، فهذه - كوريا الشمالية - دولة عسكرية مهابة ولكنها تمر بهوانات وشظف وأزمنة اقتصادية محيقة. فما نفع الفولاذ والديناميت عند الجوع؟

 

والاهم ان الحصار على ايران أثّرَ جدا على مناحي الحياة ، ولولا الرئة التي يتنفسون منها وهي الامارات العربية المتحدة والصين والهند لشلت ايران ، كما وان الثورات تمر بزخم ثم تبدأ تفتر وتصاب بحالة من التراخي والكسل ، وهناك من بدأ صوته يعلو ويذكّر ايران ، بما كان عليه الاتحاد السوفيتي فقد كان يُغدق بكل كرم وجود وسخاء على الدول الاشتراكية من اليمن الجنوبية الى كوبا وفيتنام ونيكاراجوا والحبشة ومصر ، ويقتطع لها من رفاهية شعبه بل وينتزع اللقمة -لقمة عيشهم- من افواه شعبه لاشباع الجياع في الدول الصديقة ولإبقاء الدم يجري في اوصال الدول الاشتراكية، فخسرها جميعا من الصين التي تحولت الى السوق المفتوحة الى بقية الدول دول حلف وارسو وكذلك مصر وفيتنام وكلها تغيرت وخانت - وقلبت لروسيا ظهر المجن - .

 

لقد تعب الاتحاد السوفيتي فخارت قوا ه، فلا هو استعاد امواله او قروضة التي انقرضت ولا من قدمت لهم الدعم السخي والوافر حملوا الجميل لروسيا اليوم ، بل ناصبوها بعضم العداء والسخرية ، وكمثال فقد صرف وانفق الأتحاد السوفيتي على كوبا اكثر من 150 مليار دولار طوال 30 سنة وكان يمدها يوميا بكل اسباب الحياة من البترول الى الدواء الى السلاح والملابس وفي الأخير سقط الاتحاد السوفيتي صريعا من الاعياء في وسط الطريق فخارت قواه وانهار مشروع تغيير العالم وتحويله البشرية الى الاشتراكية العلمية .

وهذا يذكرني بمشروع تصدير الدين وداعش فكأننا اوصيا على ذرية آدم في ارسالهم الى الجنة .

 

ما يمكن لي ان اتوقعه أن ايران اكتسبت خبرات عظيمة في العلاقات الدولية ، والفرس دهاة في عقولهم وطموحاتهم وجدهم ومثابراتهم وتوقهم للعلم .

وهم شعب بل امة قدّم للعالم والانسانية الكثير ، وترك الفرس عبر التاريخ بصماته على الوعي الانساني وتراثه وعلمه .

فلقد كانت امبراطوية الفرس - فارهة- ممتدة من جنوب اوربا الى اسياء وشمال افريقيا ولم تنافسها بالقوة والتوسع الّا الامبراطوية الرومانية .

 

ونعود واضع امام القارىء فكرتي وهي ان الذي حدث اليوم من اصطفاف دولي بقيادة امريكا واوربا ودول كثيرة منها السعودية والامارات لوقف الزحف الداعشي المخيف فقد كانت ايران حاضرة وان لم تحضر ، وهناك اليوم طلعات طيران لدول التحالف لضرب حقول النفط الداعشية في منطقة - الرقة- في سوريا وهذا بالتأكيد تم بالتفاههم والتنسيق مع ايران .

 

إن التنسيق مع ايران اليوم هو قائم بينها وبين دول الجوار وبالذات السعودية والامارات وسلطنة عمان والبحرين فضلا عن العراق وتركيا .

 

إن أيران اليوم على عتبات عهد جديد، ربما يحمل تباشير التعايش ونبذ الخصومات المذهبية وتصديرها ، فكلنا نعبد الله وكل انسان ما يقنعه وما يقتنع به فلا اكراه في الدين .

بل وكما يقولون في- يافع - كل شاة مربوطة الى عرقوبها- .

وكما أرى لقد عادت ايران الى وعيها واحضان شعبها الذي لا يريدها ان تتعلق بغيره بل ويريدها وان تسّخر الحب والاغداق له .وليس لسواه . واعظم مذهب تنشره هو مذهب - الحب لشعبك- وحب شعبك لك .

 

* برانت فورد . كندا في 27 سبتمبر 2014م