يظهر المسلسل الكوميدي " همي همك " الذي تبثه قناة السعيدة الفضائية حالة التمايز الطبقي الموجود في الحالة اليمنية بين نفر من المستعلين القبليين والقوى التقليدية التي سيطرت على كل شيء وبين بقية أبناء الشعب المسكين الذي لم يترك له هؤلاء الا الفتات ومع ذلك يزاحمونه في كل ما له فيه حق .
يظهر في المسلسل رجل الطغيان طفاح وعصابته ليرمز بدلالة واضحة الى ( الحمران ) الذين نهبوا كل شيء وسيطروا على كل شيء ، بدءا من سيطرتهم على مراكز التجارة الداخلية وصولا الى المتاجرة بالنفط واستيراده وانتهاء الى نهب الاراضي والممتلكات العامة والخاصة دون ان يكون لهم أي حق فيها .. أما شوتر فهو يرمز إلى أبناء الشعب البسطاء الذين هم في نظر ( الحمران ) مجرد شعب ليس له قدر إلا أن يكون محكوما من قبلهم .
سيطر أولاد الأحمر على كل شيء في اليمن وأفسدوا الحياة بكل أنواعها السياسية والاقتصادية وكل شيء ، ثم تقاسموا الأدوار فانخرط منهم البعض في المؤتمر وانخرط الآخرون في الإصلاح وسيطروا على الحزبين ، في حين كان الأحمر الأخر يتوغل في الحياة العسكرية ويبسط سيطرته ونفوذه على قوات الجيش وألويته مستغلا قربه من الرئيس السابق قبل أن ينشق عليه ، حتى أنه أنشأ جيشا داخل الجيش سمي بالفرقة الأولى مدرع وأحمر آخر كان يسيطر على الحرس الجمهوري الذين تم إلغاءهما ومحوهما من الخارطة العسكرية قرارات الهيكلة الشجاعة التي أصدرها الرئيس هادي.
رغم سيطرة ( الحمران ) على مقاليد الحكم وإفسادهم الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية لأكثر من ثلاثة عقود هاهم اليوم يخططون للعودة إلى الحكم ظنا منهم أن الشعب نسى ما قاموا به خلال ثلاثة عقود .. بل وبكل وقاحة يتنادون الى الترحم على العهد البائد الذي لم يكن للشعب فيه نصيب .
مثل الحمران حالة مافيا التهمت كافة حقوق ومقدرات الشعب مثلما التهم طفاح وعصابته أراضي ومقدرات شوتر وشعبه .. إلى أن ثار الشعب ضدهم بعد ثلاثة عقود من الظلم والقهر والغبن واستنزاف مقدرات البلاد والعباد عاش فيهم المواطنون أسوأ حالاتهم وذاقوا الويلات من تردي في الخدمات الى سوء في الحياة المعيشية وانتشار النهب والفساد في مختلف مرافق الدولة .. ماذا عملوا خلال ثلاثة عقود من حكم اليمن ؟ .. وأي إنجاز بإمكانهم أن يتفاخروا أنهم قدموه للشعب ؟ .. وبأي وجه يقومون بتقييم فترة حكم في ظرف استثنائي لم تتعدى الأعوام بعد في حين انهم لم ينجزوا شيئا طوال ثلاثة عقود ؟
.
لا نبالغ إن قلنا أن تحالف ( الحمر ) في اليمن كان يمثل حالة فريدة في اليمن إذ كانت أول مافيا تصل إلى السلطة رسميا في بلد من البلدان ، ولهذا فقد كانت نتائج حكمهم كارثية على اليمن وشعبه وبدلا من ان يتركوا هذا الشعب الذي تسامح معهم رغم أخطاءهم وبقبل إعطاءهم الحصانة مقابل أن يتركوا الحياة السياسية هاهم بكل وقاحة يتداعون للعودة من جديد وكأن ذاكرة الشعب قد محيت أو كأنهم يعتقدون أن هذا الشعب ليس له ذاكرة توثق جرائمهم طوال ثلاثة عقود .
لن يستقيم حال البلاد ما لم يكن حال السلطة خاليا من اللون الأحمر الذي أفسد الحياة السياسية طوال ثلاثة عقود .. لقد ملهم الشعب لكنهم لم يملوا السلطة التي عشقوها من طرف واحد ولا زالوا الى اليوم يراودهم الحلم بالعودة لحكم شعب اكتفى بإزاحتهم ولم يطالب بمحاكمتهم على جرائمهم .