ما زالت أتذكر الطفرة الإعلامية والحقوقية للدفاع عن معتقلي غوانتنامو الذي شهدت ازدهارا بعد سنتين من كارثة تدشين معقل الظلم وأهانت الإنسانية والقيم الأممية والعالمية والأمريكية حين كان الأهالي يتدارسون أوضاع أولادهم وأقربائهم ويملئهم الخوف من التعذيب والانتقام الحاصل على ذويهم مع جهات حكومية وحقوقية ومجتمعية وشخصيات حقوقية وقانونية إقليمية ودولية فاخبرهم المحامي القطري النعيمي بان قيمة أي مواطن يتجلى بموقف دولته وحكومته ؛ مستحضرا موقف جمهورية إيران التي عدت الدولة الأولى التي أطلقتها سراح معتقليها الثلاثة من سجن غونتنامو قبل حلفاء أمريكا من البريطانيين والفرنسيين ودول أوربية وعربية وأجنبية بعد أن قايضت الإدارة الأمريكية على خمسة جنود أمريكيين تم اختطافهم في مدينة البصرة العراقية .
منذ ذلك الموقف الإنساني لضحايا كارثة السجن اللعين تسابقت الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات حزبية وسياسية وقانونية لبيان طيش الإدارة الأمريكية وزيف القيم الأمريكية وتناقضها وازدواج المعايير الغربية المنادية بالحرية والديمقراطية وحفظ حقوق الإنسان . وكانت أطروحات اغلب تلك القوى المدافعة أو المستفيدة عن حقوق المساجين تحمل الحكومة في العهد السابق كل تبعات تخليها عن إطلاق مواطنيها والاعتداء على حقوقهم القانونية والإنسانية ووصلت الاتهامات والشعارات في كل مؤتمر أو داخل وسائل الإعلام باتهام الدولة بالخيانة والعمالة لأمريكا .
ولكننا شهدنا بعد أحداث ثورة ما يعرف بالربيع العربي المفترض أنها اشتعلت لرفض الارتهان للغرب واستعادة كرامة المواطن اليمني تراجعا كبيرا وموتا بطيئا لقضية معتقلي السجن الظالم وغير الإنساني وما يمارس فيه من تجاوزات تضع المجتمع الدولي والعالم اجمع أمام لطمه دولية لكل قيم وشرائع القانون الدولي والإنساني . فالقوى الثورية التي تولت السلطة أو شاركت في الحكم بعد زلزال الربيع العربي تناست شعاراتها ومطالبها الشديدة في استرجاع سجناء اليمن الذين يقضون سنتهم الرابعة عشرة من العذاب والألم والاهانة .
في مكالمة هاتفية للعديد من معذبي وحبيس السجن الرهيب البعيد مع أهلهم ذويهم تسآل العديد عن قضيتهم ، وهل يوجد موقفا إعلاميا أو سياسيا أو مجتمعيا يستنكر هذه الظلم المستمر والممارس خلف القضبان بدون محاكمة أو توجيه تهما لهم تماشيا مع العدالة الأمريكية وقوانين السجن العسكرية ، ويتشكك إخواننا وأبناءنا متى ينتهي ظلام هذا الليل المظلم من العذاب والأسر والذل ؟ ، وهل سيصحو ضمير الإنسانية وينتصر الغرب لقيمه وشعاراته التي يتاجر بها في كل محفل دولي وينهي دوامة الظلم الدائم والمستمر لكارثة ومعتقلي السجن الرهيب .