برزت خطورة ظاهرة الإرهاب على المستوى الدولي تحديدا عقب أحداث (11 سبتمبر 2001م) وحظيت باهتمام وإجماع دولي للوقوف أمامه بجدية من قبل كافة دول العالم وضرورة التصدي له بحزم على مستوى مجلس الأمن الدولي الذي اصدر سلسلة من القرارات الاممية بشأن الإرهاب ومكافحة الإرهاب ومعاقبة وملاحقة هذا التنظيم المسمى "تنظيم القاعدة" والدول والجماعات والأفراد الداعمين والممولين والمحرضين على أعمال العنف والإرهاب على مستوى العالم أجمع وشنت الولايات المتحدة ودول حلف الناتو الحرب على معقله الرئيس في أفغانستان وبعض مناطق باكستان والعراق وبعض الدول التي أنظمت في شراكة المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب ووقعت اتفاقيات أمنية لتقديم التسهيلات للقوات الأمريكية "استخباريا وامنيا وعسكريا" بالسماح باستخدام طائرات "الدرونز" بدون طيار وغيرها لملاحقة وقتل زعمائه وعناصره المطلوبين دوليا ومن بين تلك الدول اليمن في عهد الرئيس المخلوع "صالح".
لكن الموقف من التعامل الجدي مع ملف الإرهاب في اليمن قد تبدل بعد سقوط نظام الرئيس "صالح" الذي استثمر "الإرهاب" في بلاده ليدر عليه المساعدات المالية من الغرب , وكان ينظر إليه الغرب بأنه شريك غير جدي وتحوم حوله الشكوك بتمويل ودعم ورعاية تلك الجماعات التي زاد انتشارها في بلاده بإضعاف إضعافه عما كانت عليه في السابق , عقب أحداث (11سبتمبر 2001) مع بروز جدية المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب ومنذ انتقال ملف الإرهاب إلى نجله العميد "احمد" وأولاد شقيقه الآخرين .. حسب استنتاجات دوائر الاهتمام الغربي والدولي التي ظلت تراقب عن كثب ألاعيب نظام "صالح" وترصد عن قرب مدى مصداقية نظامه وتعامله مع هذا الملف وتتابع كل ما يجري في اليمن.
لكن اليوم وفي عهد الرئيس "هادي" الذي ارتفعت سعيرة الهجمات الإرهابية وتوسع نشاط تلك الجماعات التي لم يسبق لها ولم يألفها اليمنيين في عهد "صالح" حيث تبدلت أهداف ذلك التنظيم باستهداف الدولة والنظام بذاته ومنتسبي قوات "الأمن والجيش والمخابرات" ومؤسسات الدولة الرسمية "العسكرية والأمنية" ومؤسسات البني التحتية والخدماتية الخ .. التي تستهدف تقويض نظام الرئيس "هادي" وتعطيل وإفشال التسوية السياسية الجارية في اليمن بمباركة الإقليم والعالم الذي بات اليمنيين وأصدقاء اليمن يدركون حقيقة من يقف خلف تلك الهجمات ومن يوجهها ويرعاها ويمولها ويتستر على عناصرها وأفعالها.
حيث نص التقرير السنوي للخارجية الأمريكية الصادر هذا الشهر على أول اتهام صريح لعناصر النظام السابق وتورطها في دعم "الإرهاب" والهجمات التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن في أشارة ضمنية واضحة إلى الرئيس المخلوع "صالح" الذي هدد هو الأخر عقب صدور قرار مجلس الأمن الدولي (2140) تحت الفصل السابق بملاحقة المعرقلين والذي أشار حرفيا إلى "طي صفحة الرئيس صالح" حيث هدد الإدارة الأمريكية بكشف وفضح ملف التعاون في عهدة مع الإدارة الأمريكية ونظامه في مجال مكافحة الإرهاب.
اليوم فعلا غير الأمس في تحسن مستوى العلاقة بين الرئيس"هادي" وأمريكا والغرب ودول الجوار التي أكدت أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة ومحفل دولي دعمها القوي للرئيس "هادي" ومساعدته والإشادة بقيادته الناجحة لقيادة عملية التحول السياسي في اليمن وما عزز ذلك من إسناد أممي داعم وقوي لتأييد "هادي" عبر قرارات دولية قوية من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي ومؤتمر أصدقاء اليمن والجامعة العربية ومجلس دول التعاون الخليجي .. وتأكيدها على ضرورة القضاء على "تنظيم القاعدة" ودعمها لحربه بكافة السبل ومنها"القوة" لاجتثاثه من بلاده .. وهذا ما أدركه الرئيس "هادي" من مسؤولياته الجدية في حفظ الأمن والاستقرار في بلاده , وخطورة تداعيات ما يجري في اليمن من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية , الذي يرى فيه المجتمع الدولي من خلال نص قرار مجلس الأمن الدولي (2140) تهديدا للأمن والاستقرار الدوليين .
الرئيس "هادي" التقط هذه الرسائل بعناية فائقة .. ووضع المسألة الأمنية في أولويات جدول اهتماماته السياسية .. التقط ورقة "الإرهاب" بحنكة وأسقطها من يد خصومه , ويقود اليوم حربا مفتوحة وواسعة ,علنية ومكشوفة على أوكار هذا التنظيم , في محافظتي "أبين وشبوة" وغيرها من مناطق اليمن.
حيث جاء التأييد والإسناد الاممي قويا هذه المرة في مباركة هذه الحرب التي يخوضها الرئيس "هادي" على "تنظيم القاعدة" من خلال البيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي الأخير بشان الحرب على الإرهاب في اليمن .
لذلك فأن بيان مجلس الأمن الدولي الذي دان جريمة قتل مواطن فرنسي في صنعاء، وبتلك الصيغة القوية والحاسمة وإشارته الواضحة إلى ضرورة محاسبة ومعاقبة الممولين والداعمين للإرهاب في اليمن، مثّل تحديداً لملامح الحرب القادمة ضد "القاعدة" ، وانتقالها إلى مربع جديد تتجاوز فيه المواجهة مع الفاعلين المباشرين ، إلى المواجهة مع من يمكن تسميتهم بالرعاة لـ"القاعدة"، بدعم وتحالف دولي ملزم".
أن "هذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها المجتمع الدولي في إدانته لجرائم الإرهاب في اليمن ، الفاعلين المباشرين إلى الممولين والمخططين والداعمين وإلى مخاطبة الدول بضرورة الوفاء بالتزاماتها في هذا المجال مذكراً إياهم بالقوانين الدولية في هذا الشأن".
حيث أكد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، على ضرورة التصدي للأعمال الإرهابية التي تهدد السلم والأمن والدوليين في اليمن "بكل الوسائل" وفقاً لـ"ميثاق الأمم المتحدة"، وهو ما اعتبره محللون دعوة إلى التدخل الخارجي تحت "الفصل السابع".
وجاء إعلان مجلس الأمن تعقيباً على حادثة مقتل مواطن فرنسي وإصابة آخرين في العاصمة صنعاء، يوم الاثنين قبل الماضي , ودان المجلس بـ"أشد العبارات" هذا "الهجوم الإرهابي"، إضافة إلى العمليات الإرهابية الأخرى التي وقعت في اليمن.
وأوضح بيان مجلس الأمن أن"الإرهاب عمل إجرامي وغير مبرر بجميع أشكاله ومظاهره، بغض النظر عن الدين أو الجنسية أو الحضارة أو الجماعة العرقية، وعن دوافعه أينما كان مرتكبوه". وشدد "أعضاء مجلس الأمن على ضرورة تقديم الجناة والمنظمين والممولين لهذه الأعمال الإرهابية المستنكرة إلى العدالة".
وحث "جميع الدول على التعاون بنشاط مع السلطات اليمنية في هذا الصدد، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
لذلك على كل اليمنيين "شمالا وجنوبا" ممن يدركون خطورة "الانهيار" لا سمح الله .. وانعكاساتها على الاستقرار والأمن وتهديد السلم الاجتماعي في اليمن والمنطقة والعالم وفي ظل وضع اليمن اليوم تحت الوصاية الدولية علنيا "سياسيا وامنيا وقانونيا" تفهم رسائل مجلس الأمن وأصدقاء اليمن وجيرانه من خطورة "الانهيار" وتداعياته الوخيمة , وما تضمنته الرسائل الواردة في بيان مجلس الأمن الأخير من مؤشرات التلويح بالتدخل الخارجي بموجب التفويض الدولي لقرار مجلس الأمن (2140) تحت الفصل السابع , على كل القوى السياسية والحزبية وفئات المجتمع اليمني "شمالا وجنوبا" وفي المقدمة قوى "التغيير والتحديث" شمالا, وقوى "الحراك الجنوبي السلمي" جنوبا , الوقوف إلى جانب الرئيس "هادي" والمجتمع الدولي عامة , ودعمه في الحرب على قوى الشر والإرهاب .. لتجنيب اليمن من الانزلاق إلى الهاوية ومنعه من دخول دوامة العنف والإرهاب الدموي .
وأن يستشعر الجميع بضخامة مسؤولياتهم والدعوة إلى تشكيل جبهة "وطنية موحدة" في مواجهة هذا الوباء الشيطاني الخطير وفضح وتعرية من يقفون خلفه ممن فقدوا مصالحهم ويتسترون اليوم خلف أفعاله التدميرية الهدامة وجرائمه الدموية البشعة .. وعلى قوى الحراك الجنوبي السلمي التي تتبنى "النضال السلمي" أن تلتقط هذه الرسالة "الدولية" الهامة للدخول في أول شراكة حقيقية وايجابية مع المجتمع الدولي ولو من باب التحالفات "التكتيكية" وأن تحسن اقتناص هذه الفرصة السانحة .. لكسب واستمالة المجتمع الدولي والتفاتته إلى "القضية الجنوبية" ونضاله السلمي المشروع والعادل المتمثل في حق الشعب الجنوبي في استعادة دولته وتقرير مصيره .. وأبعاد عنها تهم الجنوح إلى العنف المسلح "الحراك المسلح" في الجنوب .. كما وصفه التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الصادر الشهر الماضي .. وفتح صفحة جديدة مع محيطنا الإقليمي والعالم الخارجي .. بدلا من العزلة الدولية التي فرضت علينا وفرضناها على أنفسنا ذاتيا .. بالتقوقع "محلك سر" وضياع الكثير من الفرص المتاحة من الهروب السلبي ب"لا يعنينا" أو الرهان على الأحلام والتوقعات الوهمية على تبدل المواقف الدولية ودخول لعبة الاستقطابات الإقليمية المصلحية الخاسرة أو بالشعارات العاطفية غير المجدية والخطابات العنترية المملة .. وبما لا يسقط أو يفرط في حق ومطلب الجنوبيين في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم المنشودة.
* ناشر ورئيس تحرير موقع "عدن الآن" الإخباري