بسم الله الرحمن الرحيم
الثورة الجنوبية السلمية التي باتت معروفة بــ (الحراك الجنوبي السلمي)
ثورة عظيمة بعظمة هذا الشعب الأبي الذي يعشق العيش بكرامة، يعشق العيش بشموخ، يعشق الحرية حد الثمالة، شعبٌ نتعلم منه كل يوم أبجديات النضال والصمود والثبات، شعب اختار الطرق السلمية الحضارية من أجل استعادة أرضه وهويته ودولته المغتصبة، برغم ما تعرض له وما زال من قمع وحشي وإرهاب منظم من قبل حكام وحلفاء الأمس والذين مازالوا حكام اليوم.
الناظر لمسيرة الثورة الجنوبية يرى بأن هناك نجاحات كبيرة حققتها هذه الثورة المباركة، ولكن هذا لا يعني عدم وجود تحديات ماثلة للعيان وأردت من خلال هذه الكلمات البسيطة أن أسلط الضوء على نوعين من الصراعات على الساحة الثورية الجنوبية (صراع الشعارات، وصراع الهويات)، فإن لم نتنبه لمثل هذه الأمور الخطيرة على حاضر ومستقبل قضية شعبنا ربما ستودي بنا هذه الصراعات – لا سمح الله -إلى مآزق لا يمكن الخروج منها.
النوع الأول صراع الهويات:
لا شك إن الكثير منا قد سأم هذا التناقض وهذا الوهن الذي يعانيه الخطاب الإعلامي والخطاب السياسي الجنوبي، فهذا يقول الجنوب العربي وذاك يقول جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وآخر يقول لسنا يمنيين ... إلخ،
وأقول هنا إن هذا التناقض يؤثر سلباً على ثورتنا ويظهر للرأي العام خطاباً إعلامياً وسياسياً مشوهاً لا يساعد إطلاقاً في إيصال وفهم واستيعاب قضيتنا لدى الآخرين ناهيك عن التأثير السلبي أيضاً لهذا الخطاب على مستوى الداخل، حيث يظهر صراعاً على هذه التسميات وكأننافي أزمة هوية، فهل نحن كذلك ؟؟؟
النوع الثاني صراع الشعارات:
والشعارات كذلك كثيرة فخذ على سبيل المثال (التحرير والاستقلال، تقرير المصير واستعادة الدولة، فك الارتباط ...إلخ) لعل المتأمل والمدقق في مضمون الشعارات آنفة الذكر يدرك تماماً بأن الهدف واحد وكل الطرق تؤدي إلى روما – كما يقال في المثل – والاختلاف هنا في تفسير كل طرف لشعار الآخر وكأن القضية محورها الشعارات، فهذا برأيي شيء مؤسف وتقزيم للقضية.
لذلك نرى كل فريق يتمترس وراء شعار معين ويستخدم ألفاظ ومصطلحات معينة يريد من الآخرين أن يتبعوه، وهذا بالنتيجة لن يوصلنا إلى طرف، بينما نسمع كثيراً من الكل إن الجنوب لن ينتصر إلا بتجسيد وتعزيز وحدة الصف الجنوبي وبالتالي وحدة المرجعية السياسية...
لكن الممارسات والوقائع على الأرض تدحض ما يقال من كلام إيجابي، فكم بُذلت جهود في السابق من أجل خلق جبهة جنوبية عريضة تتسع لكل قوى ومكونات الشعب الجنوبي بعيداً عن لغة الإقصاء والشروط المسبقة – التي تقف حجر عثرة في طريق الوفاق الجنوبي –
مازال يحدونا الأمل في أن تجد القوى الجنوبية طريقة منا سبة لتحقيق وحدة الصف الجنوبي التي باتت اليوم مطلباً شعبياً وضرورة سياسية خاصةً بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140، الذي يجب علينا كجنوبيين أن نتعاطى معه بمرونة ونوظف المداخل الإيجابية في مضمون القرار لصالح قضية شعبنا العادلة حتى نتجنب الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي.
الخلاصة:
ثورة شعب الجنوب السلمية تهدف إلى استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة بحدودها الجغرافية والجيوسياسية المعروفة قبل العام 1990م، لذلك ما المبرر للنزاع حول تسميات من هنا وهناك لا تسمن ولا تغني من جوع !!؟؟؟
من وجهة نظري الشخصية أرى بأنه علينا أن نتمسك باسم دولتنا المعروفة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، لاعتبارات سياسية وقانونية ومنطقية كثيرة أهمها إننا دخلنا الوحدة في عام 90 بهذه التسمية والدولة الجنوبية التي نتحدث عنها معروفة للعالم أجمع بهذا الاسم، فأي تفاوض مستقبلي من أجل حل القضية الجنوبية لن يكون إلا باسم (ج.ي.د.ش) فلماذا نبادر من الآن لخلط الأوراق واختلاق مشكلات وإثارة قضايا نحن في غنى عنها ولا تخدم قضيتنا بأي شكل من الأشكال.
قد لا يقتنع البعض ممن وقع ضحية شعارات تم بواسطتها دغدغة عواطف الناس وبنيت على المشاعر المجردة، ولكن أعزائي في الأخير ما يصح إلا الصحيح وعلى القوى الجنوبية أن تستمع لرأي الخبراء القانونيين وتعتمد على نصوص القانون الدولي التي تؤكد صحة ما أشير إليه.
مرةً أخرى سنظل نأمل بأن الساسة الجنوبيين سيضعون مصلحة الجنوب فوق كل اعتبار.
المجد والخلود للشهداء الأبرار والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين.