- بإمكان أحدكم الآن - مثلاً - أن يجمع ثلاثين واحداً من أبناء الحارة، وكذا من زملاء العمل، ويذهبون جميعًا لضرب عاقل الحارة حتى تطير "المعقلة" من بين عيونه، هذا إن بقت لهُ عيون من أصله. لكنه سيفشل في جمع عشرة أو أقل والذهاب بهم لزيارة مريض مُسنّ، ستخرج الأعذار كُلها دفعة واحدة، سيتحججون بأنهم مشغولون جداً جداً كما لو أنهم بشوات في سوق البورصة!.فكري قاسم -
بإمكان أحدكم الآن - مثلاً - أن يجمع ثلاثين واحداً من أبناء الحارة، وكذا من زملاء العمل، ويذهبون جميعًا لضرب عاقل الحارة حتى تطير "المعقلة" من بين عيونه، هذا إن بقت لهُ عيون من أصله. لكنه سيفشل في جمع عشرة أو أقل والذهاب بهم لزيارة مريض مُسنّ، ستخرج الأعذار كُلها دفعة واحدة، سيتحججون بأنهم مشغولون جداً جداً كما لو أنهم بشوات في سوق البورصة!.
سنسخر من إنسانٍ يقول في برنامجه الانتخابي إنه سيزرع الورد في كل حارة، وسنهتف في المقابل, وبكل حماس، لمرشح آخر يقول إنه سيقطع عنق كل يهودي أو نصراني يدخل الحارة، «وقلك من أين يأتي العنف»؟!.
من خلال مطالعة تعليقات القراء اليمنيين على مقالات بعض الكُتّاب المنشورة في المواقع الإلكترونية، يمكنك - بسهولة أيضاً - ملاحظة نفسية اليمني كيف غدت مشوهة!.
القارئ الذي لايتفق مع رأي كاتب ما وأحيانًا لايتفق مع رأي معلق مثله تجد خانة التعليق الخاصة به مليئة بعبارات الشتم والاتهامات والتخوين وعبارات المتآمرين.. المرتزقة.. العملاء، و... و...و... إلخ.
·تقرأ مثل هذه التعليقات وتشعر بالأسى وتقرأ الفاتحة على كل لحظة حُب حُرم اليمنيون منها بسبب عقليات الأميين والجهلة الذين حكموا هذا البلد بالنكاية المستمرة، وبالخرافة، وبالقوة معًا.
واضح جدًا أن التحالف السيئ بين الخطابين الديني والسياسي لعب الدور الأكبر في جعلنا نعيش بنفسيات إنسان العصور الوسطى المتعطش للدم، وها هي البلاد الآن تجني ثمار ذلك التحالف المدمر.
عمليات إرهابية مستمرة، قطع طريق، مناوشات عسكرية هنا وهناك، مطالب انفصالية في الجنوب، حوار سياسي معطل بين الأحزاب، ياللكارثة.
بفضل هؤلاء العدميين أصبح الإنسان اليمني هو الوحيد الذي ينام وعروق رأسه ورقبته متشنجة لكأنه نائم وفوق ظهره "قلاب"!.
لا تجده إنسانًا مسترخيًا أبدًا، وأبسط مشادة كلامية تتحول إلى قوارح وإلى طعن.. وأحيانًا إلى خبر عاجل في «الجزيرة».
علاقاتنا الإنسانية نفسها هي الأخرى صارت - في الغالب - علاقات جامدة كأنما نعيش أيامنا كلها داخل ثلاجة شديدة الصقيع. لقد صرنا نرحّل الود سنة بعد سنة، وعند المصائب - ماشاء الله علينا - شعب «ياسريع الغارات»، و«قلّك من أين يأتي العنف»؟.