قبل ساعات من انتخاب رئيس صومالي جديد .. أهالي مقديشو يبدون مخاوف من نوع آخر

2012-09-10 18:13
قبل ساعات من انتخاب رئيس صومالي جديد .. أهالي مقديشو يبدون مخاوف من نوع آخر
متابعات \شبوة برس

معروف أن أهالي الحنوب عموما ومقديشو خصوصا كانوا من أكثر المتضررين لما حدث في الصومال خلال العقدين الماضيين، فمدينتهم التي كانت مصرعا للأحداث الدامية طوال تلك الفترة تشهد بعد ساعات قليلة ميلاد دولة رسمية (غير مؤقتة) برئاسة رئيس رسمي غير مؤقت أيضاً، فالفرحة بالنسبة لهم لها مذاق مختلف… ولكن هناك مخاوف تتجسد في تخوفهم من تبعات انتخاب رئيس صومالي جديد لا ينحدر من القبائل القاطنة في الجنوب ومن الهوية في هذه المرحلة بالذات.

وبعد تزايد حالة من القلق في أوساط فئات من سكان مدينة مقديشو متأثرين ببعض قادة الرأي الذين يمررون آراءهم عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية الناطقة باللغة الصومالية، إلى جانب تأثرهم بتصريحات قادة من إدارة بونتلاند التي تحرص أن يكون الرئيس القادم من نصيبهم.. بعد الرئيس المنتهية ولايته الشيخ شريف شيخ أحمد الذي ينحدر من قبيلة الأبغال وهي من قبائل الهوية القاطنة في جنوب الصومال، بالإضافة إلى ذلك فإن هناك قلاقل أمنية تزايدت في الآونة الأخيرة في مقديشو يقال أنها تمهيد لمرحلة أكثر خطورة يُخطط لها بعد انتخاب رئيس غير جنوبي، باستثناء شخص واحد، ألا هو المرشح الأكثر شعبية في نظر البعض رئيس الوزراء السابق محمد عبد الله فرماجو… وذلك بحسب رأي بعض من شملهم الاستطلاع الذي أجرته شبكة الشاهد بهذا الخصوص.

وحرصا من شبكة الشاهد على التحقق من هذه المخاوف المثارة مؤخرا علي الصعيد المحلي نزلنا إلى الميدان صباح يوم الأحد 09-09-2012 واستطلنا آراء عينة مكونة من 100 شخص تم اختيارهم عشوائيا من أماكن مختلفة في مقديشو، وكان السؤال الجوهري عن مدى اعتقادهم في إمكانية تدهور الحالة الأمنية في حال انتخاب رئيس لا ينتمي إلى قبيلة هوية تحديداً، ولا يتمتع بثقة القبائل الساكنة في العاصمة الصومالية مقديشو وضواحيها.

نتيجة الاستطلاع

إن نسبة 86 بالمائة ممن شاركوا في الاستطلاع أبدوا تخوفهم من تدهور الحالة الأمنية إلى أسوأ مستوياتها في حال انتخاب رئيس لا يتمتع بثقة القبائل التي تمثل النسبة الكبري من ضحايا الحروب الأهلية طيلة الـ 20 سنة الماضية، مؤكدين بأن الفوضى تطال كافة المؤسسات الحكومية بما فيها الأمنية والعسكرية على مرأى ومسمع القوات الأفريقية الأجنبية.

وفي المقابل فإن نسبة 14% ممن تم استطلاع آرائهم يرون أن شرطة الأميصوم وقوات الأمن الصومالية في المرصاد لمن يحاول خلق قلاقل أمنية في الساحة المحلية، بغض النظر عن الرئيس الفائز وانتمائه القبلي والفكري.

وقد اخترنا عينة من آراء بعض من التقت بهم شبكة الشاهد حول هذا الموضوع لاستعراضها هنا:

- مصعب جوليد “صحفي ومستشار فني لبعض المؤسسات الحكومية”: ” هذا النوع من التخوف وراد، باستثناء شخص واحد، وهو رئيس الوزراء السابق السيد محمد عبد الله فرماجو، وأعتقد أن هذا الرجل –رغم كونه من غير الهوية – إلا أنه يوجد من القبائل الساكنة في هذه المنطقة من هو مستعد للتضحية من أجله في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية التي تجرى غداً الإثنين” وأضاف مصعب إلي ذلك قائلا “إن التدهور الأمني سيطال المؤسسات الحكومية، وفي مقدمة ذلك الميناء وكذلك بعض الوزارات التي يمكن اعتبارها بأنها قنبلة موقوتة، وتجدر الإشارة إلى أننا نخاف من أن يفوز مرشح مدعوم من إدارة بونتلاند ورئيسها عبد الرحمن فرولي الذي يسعى إلى خلق حالة عدم ثقة بين القبائل الصومالية، كما أن إدارة بونتلاند تسعى إلي أن تسيطر على زمام البلاد كله، وتنفرد في نفس الوقت بالأقاليم الشمالية الشرقية التي تديرها حالياً، وهي سياسة مرفوضة لدي بعض القبائل الجنوبية”

- محمد كافي علي مؤمن “صحفي يعمل لدى إذاعة استار إف إم في مقديشو: أهالي مقديشو سعداء بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم غد الإثنين، إلا أن الناس يخافون من مستقبل مجهول في حال فوز من لا يستطيع استعاب التركيبة القبلية لدى القبائل الساكنة في جنوب الصومال، فلا بأس في نظري أن يتم اختبار رئيس ليس من قبيلة هوية، ولكن المشكلة تأتي عند اختيار رئيس الوزراء، فالكثير من الناس يخافون -وأنا منهم- أن يتولي الحكم شخص غريب في المنطقة ثم يختار رئيس وزارء لا يتمتع بثقة القبائل الجنوبية وتحديدا بعض القبائل التي لا أريد ذكر اسمها الآن”.

- حبيب محمد آدم ( صيدلاني، وطالب في جامعة سيمد قسم إدارة الأعمال): إذا وجد من لديه علم وحكمة تمشي الأمور بالطريقة المطلوبة مهما كانت القبيلة التي ينتمي إليها الرئيس القادم، فنحن نريد أن نتجاوز القبلية، صحيح أن هناك من يدعو إلى إثارتها من جديد، ولكن المجتمع الدولي يبدو هذه المرة أكثر جدية في هذه المسألة.

- أنور عبد الفتاح بشير (إعلامي خريج كلية العلوم السياسة والإعلام بجامعة مقديشو): لا توجد مخاوف أمنية يمكن أن تنجم نتيجة اختيار مرشح غير حنوبي.. فقد انتهى عهد أمراء الحرب، فالكل يكون مجبرا على الانصياع لنتيجة الانتخابات الرئاسية، فالمشكلة الصومالية ليست محلية، وإنما صارت مشكلة دولية بسبب وجود حركة الشباب المرتبطة إداريا بتنظيم القاعدة في الصومال، وهذا يتطلب من المجتمع الدولي أن يكون أكثر حرصا على الأمن الصومالي للحيلولة دون حدوث فراغ أمني يستفيد منه المعارضون للعملية السلمية المدعومة دوليا.

- عبد الرحيم محمد (طالب قسم تكنولوجيا المعلومات بجامعة سيمد): “بصراحة أنا من محافظة باي؛ إلا أنني أعيش في مقديشو، وأشارك أهالي هذه المدينة همومهم، وأعتقد أن الاضطرابات الأمنية الأخيرة في مقديشو.. وسعي بعض المرشحين إلي خلق شعور الخوف لدى سكان مقديشو؛ يعتبر جزءاً مما يعمق المشكلة، إلى جانب التصريحات التى يدلي بها المسؤولون في إدارة بونتلاند، وكل هذه الأمور جعلت أهالي مقديشو، وبالذات قبائل هوية يتخوفون من مجيء رئيس جديد يكون مثل الرئيس عبدالله يوسف الذي يعتقد الكثير من القبائل الساكنة في جنوب الصومال بأنه كان ينفذ سياسة انتقامية، وهذا للأسف هو الواقع الذي نعيش فيه الآن”

الخلاصة

وفي الختام تجدر الإشارة أن هذا النوع من الشعور بالخوف لم يأت من فراغ، كما أشار إليه البعض ممن التقت بهم شبكة الشاهد وسجلت آراءهم.. فالاضطرابات الأمنية الأخيرة، والتصريحات التي تثير النعرات القبلية من هنا وهناك في إطار الحملات الانتخابية، وغير ذلك من العوامل خلقت شعورا غريبا لدى بعض سكان مقديشو، وحتى أن البعض يفكر في الهجرة إلي الخارج متأثراً بالتحليلات السلبية التي يسمعها ليل نهار في المنتديات السياسية وعبر الإذاعات المحلية الكثيرة في مقديشو.

والاستنتاج الذي توصلت إليه شبكة الشاهد هو أن الأمر لا يرتبط حاليا بالقبيلة التي ينتمي إليها الرئيس القادم بقدر ما يرتبط الأمر بجدية الرئيس وقدراته القيادية ومدى تمتعه بقدرات إقناعية تجعله رئيسا للجميع، وليس للقبيلة التي ينتمي إليها فحسب، بالإضافة إلى قدرته علي تعيين رئيس وزراء قادر على إخراج البلد من حالة الفوضى والقبلية إلى حالة الصفاء والتحرر من قيود الإقليمية؛ وذلك من خلال توجيه الجميع نحو قيم المواطنة وتحقيق الشراكة الوطنية لبناء الوطن، بعيداً عن النعرات القبلية التي ينادي بها الدجالون سماسرة الحرب في الصومال