رسالة من شهيد جنوبي إلى القيادة الجنوبية: توحّدوا فالوطن يناديكم
أنا شهيد من تراب الجنوب، قد غيّبتني الأرض جسدًا، لكنها لم تستطع أن تُطفئ في روحي لهيب الحلم الذي استشهدت من أجله.
ما زلت أرى الجنوب في خاطري، من سواحل عدن إلى جبال الضالع، ومن وديان شبوة وأبين إلى سهول حضرموت وسواحل المهرة وسقطرى، وطنٌ جميلٌ نزف من أجله الرجال الأبطال، وارتوت تربته بدماء الشهداء الأطهار.
قاتلنا ونحن نحلم بوطنٍ آمنٍ، تسوده العدالة، ويُحكم بالحق، ويعيش فيه الإنسان الجنوبي مرفوع الرأس، كريم العيش، مصون الكرامة.
لم نحمل السلاح إلا لنرفع راية الحرية، ولم نُضحِّ بأرواحنا إلا من أجل أن يكون للجنوب قراره المستقل وصوته الواحد.
لكن يا قادتنا في الميدان والقرار،
يُؤلمنا ونحن في مرقدنا أن نرى الصفوف قد تباعدت، والرايات تعددت، والمصالح فرّقت من جمعهم الميدان يومًا تحت راية الجنوب.
أتُرضيكم أن نُقتل من أجل الوطن، ثم يُمزّق الوطن بخلافاتكم؟
أيعقل أن تُنسى دماؤنا، ويُترك شعبنا يعاني الفقر والظلم والضياع؟
اقترب الثلاثون من نوفمبر، يوم الاستقلال المجيد، يوم انتصار إرادة الأحرار على الاستعمار، فلا تجعلوه يمرّ كسائر الأيام.
اجعلوه يومًا للوحدة الجنوبية الحقيقية، يومًا تُسكت فيه الأصوات المتنازعة، وتُرفع فيه راية الجنوب خفاقةً بالعزة والكرامة.
أيها القادة،
الجنوب يناديكم، وشعبه يترقب منكم موقفًا يليق بتاريخكم وتضحيات رجاله.
كونوا كما عهدناكم في ساحات النضال: رجالًا عند الكلمة، صادقين عند الوعد، أوفياء لدماء الشهداء.
من تحت هذا التراب أرفع إليكم ندائي الأخير:
توحّدوا… فالوطن لا يُبنى إلا بسواعد متكاتفة، وقلوب صادقة، وإرادة واحدة.
سلامٌ على من سار على درب الوفاء،
وسلامٌ على كل شهيدٍ ارتقى من أجل الجنوب.