مفتي الدولة القعيطية العلامة السيد محسن بن جعفر أبونمي

2017-06-09 22:21
مفتي الدولة القعيطية العلامة السيد محسن بن جعفر أبونمي
شبوه برس - خاص - غيل بن يمين

 

ولد السيد محسن بن جعفر أبونمي بغيل باوزير حوالي عام 1306هـ لاسرة هاشمية عريقة كبيرة غير ميسورة .

أظهر منذ صباه ميلاً مبكراً للعلم والاستزادة منه انتهى به الى درجة كبيرة عالية من المعرفة .

تلقى تعليمه بالغيل وتتلمذ على يد الشيخ محمد عمر بن سلم في رباطه العلمي وسرعان ما أصبح بعد وفاة شيخه بن سلم القائم على إدارة الرباط وطلبته وخريجيه . والسيد محسن أبونمي لم يكن رجل علم فقط ، لقد كان مدرسة علمية فكرية لغوية تمتعت بمنهاج خاص تخرج منها اساتذه وقضاه وأدباء و مؤرخون .

كان رجلاً عميقاً في علمه وشخصيته وشفافيته وإستقراءاته مع نزاهة واستقامة ومتانة خلق وأتساع أفق ، كان يقرأ كل مايقع تحت يده من الكتب حتى ان احد طلبته وصفه في أحد مؤلفاته التاريخية ( انه لايرى إلا وفي يده كتاب )

الى جانب ذلك كان يقوم بأعمال جليلة في القضاء الشرعي والدروس العامة والافتاء والتأليف .

مع صعوبة الاتصالات في ذلك الحين إلا انه كان قوي الاتصال بأعلام الازهر والحرم المكي الشريفين وعلمائه وله معهم مكاتبات ومراجعات حول بعض النصوص والاقوال المذهبية .

بهذا وبغيره أصبح السيد محسن أبونمي من أبرز رجالات الدولة القعيطية في حضرموت الذين تمتعوا على الدوام باحترام الجهات الرسمية والشعبية في عصره .

وقد عرف عنه الرزانة في التفكير والحكمة في القول والحنكة في العمل، ذلك خلال حقبة طويلة من العمل العلمي النافع مع تمسكه بمبادئه ، وتخليه في مناسبات عن منصبه رافضاً التنازل والتساهل فيما أُكل اليه .

ان العلم في مفهومه ليس تجميع معلومات أو قراءة كميات من الورق انه يقوم على الملاحظات واستخراج النتائج وترابط الحلول والتحليل الدقيق والوصول الى نتائج لها شكل ومدلول ، هكذا كان السيد محسن أبونمي كما عرفته عن قرب معنوياً لا زمنياً .

مصنفاته :-             

حصيلة السيرة العلمية الزاخرة للسيد محسن أبونمي مؤلفات كثيرة منها كتب قيمة وتحقيقات بديعة رائعة تدل على غزارة علمه وفقهه وعلو همته .

كان اسلوبه في الكتابة اسلوب القدماء يعتمد على التزام السجع والجمل و التنميق ، وبلغت حصيلة مصنفاته زهاء ستين مصنفاً من اهمها :-

# القانون الجنائي للسلطة القعيطية : وهو اول قانون جنائي على مستوى الجزيرة العربية في السلطة القعيطية بشهادة وزارة المستعمرات البريطانية ذات الشأن آنذاك ، شاركه في وضع ذلك القانون الشيخ علي سعيد بامخرمة

# مجموعة القضاء الشرعي : هذا القانون ظل اساساً للدراسات القضائية الشرعية ، وقيل عنه ( لا يستغنى عنه اي قاضي شرعي . . . )

# المُلح في فن المصطلح

# اختصار العبارة من شرح منظومة الاستعارة

# منظومة كأس السلاف الصافي في احكام الاستخلاف

$ إيضاح المثال في نقل زكاة المال

# الدلالة الجلية في القواعد الفقهية : وهي منظومة في قواعد واصطلاحات المذهب الشافعي وتسمى كذلك ( نفحة الازهار في قواعد الاخيار ) . تزيد عن مائة بيت ، وهي منظومة لطيفة نافعة لايستغنى عنها متفقه في المذهب الشافعي

# مجموعة سمير السفر وأنيس الحضر : وهي في ثلاثة اجزاء جمعت الخطابة والتاريخ واللغة والجمال والنكتة والاجتماعيات . . الخ قالت لجنة حفظ التراث التابعة لجامعة الدول العربية المرسلة الى اليمن الديمقراطي ( سابقاً ) . . ( ان جامع هذه الاجزاء يتمتع بمساحة واسعة في الاطلاع ذو افق بعيد ، قارئ جيد )

تلك هي بعض مصنفات السيد محسن بن جعفر أبونمي ، وانه لمن الاجحاف ان يصاب ذلك الجهد وهذا الانتاج العلمي في منحى العلوم ، وتلك الفترة من حياة شخصية عامة نافعة ان تصاب بعجز تام وشلل عن الظهور الى الحياة والاستفادة منها . . . وليس من الانصاف ان يظل الامر هكذا وبالرغم من كل ذلك سيبقى السيد محسن أبونمي من اعظم علماء عصره .

= زاول الفقيد مهنة التدريس في المعهد العلمي التابع لوزارة الاوقاف وعين مديراً له

= تولى الفتياء ولقب بمفتي الدولة القعيطية .

= عين بتكليف من الدولة مدرساً للراغبين بتولي القضاء الشرعي وهو ماكلفه تأليف مجموعة القضاء ، وقال فيه سكرتير الدولة القعيطية الشيخ سعيد القدال عند تخرج اول دفعة من القضاه .

وانشد مديحي في همام ماجد

                            رب اليراع ومرجع الافتاء

ذاك أبن ( جعفر) ذاك من آياته

                         لمعت كبدر الكم يوم صفاء

 

 رزئت مدينة غيل باوزير وحضرموت قاطبة بفقدان واحد من خيرة علمائها الاجلاء انه السيد العلامة محسن بن جعفر أبونمي الذي لبى نداء ربه في 20 شعبان 1379هـ موافق فبراير 1960م  .

رثاه في قصيدة مطولة الاستاذ الاديب حسين محمد البار يقول فيها :

العبقرية فيك تنتحب . . . والعلم والاخلاق والادبٌ

ياويحها قد ودعت علماً . . . شخص العلاء من فقده يجبُ

ابا محمد ابتسم فرحاً . . . دار الخلود مقرك الحدب

تغمد الله السيد محسن بن جعفر أبونمي بواسع رحمته ومغفرته واسكنه الفردوس الاعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا .

 

               كتبه سبطه /عبدالله علوي باعلوي

 *- من جمال الحامد