العالم لا يحترم إلا القوة: درس الجنوب الذي لم نتعلمه بعد

2025-05-24 19:20
العالم لا يحترم إلا القوة: درس الجنوب الذي لم نتعلمه بعد
شبوه برس - خـاص - عتـــق

 

 

*- شبوة برس – مقبل عاطف

إنها حقيقة قاسية، ولكنها راسخة في سجلات التاريخ ومسار العلاقات الدولية العالم لا يحترم البيانات، بل يحترم القوة فقط. هذا العالم لا يعترف إلا بمن يفرض وجوده على الأرض، لا بمن يكتفي بترديد الاتفاقات والالتزامات بينما يُسلَب شعبه وتُنهب أرضه. هذه ليست نظرية سياسية مجردة، بل هي خلاصة تجربة مريرة عاشها الجنوب، وما زال يدفع ثمنها حتى اليوم.

ثم تذكروا معي جيدا هل نفع الجنوب كل ذلك التأييد الدولي في عام 1994؟ هل حمتنا "البيانات" الصادرة عن قمة أبها وغيرها من اجتياح صنعاء لنا؟ هل منعت تلك التصريحات والخطب المصقولة تسليم الجنوب على طبق من ذهب، بينما دماء أبنائنا تسفك ومقدراتنا تنهب؟ الإجابة مريرة وواضحة: لم ينفع شيء! لقد أثبتت تلك التجربة أن الأقوال والبيانات لا قيمة لها أمام حقيقة القوة على الأرض.

والآن، وبعد عقود من تلك الكارثة، يبدو أننا نعيد نفس الخطأ، وبنفس الثقة العمياء. نتحدث عن اتفاقات مع "التحالف"، وكأن التاريخ لم يعلمنا شيئًا. المؤامرة تُحاك في الخفاء، والخطر يقترب من جديد، وما زالت بعض القيادات تمشي على حافة الهاوية وكأنها لا ترى حجم الكارثة القادمة. الخوف، كل الخوف، أن تُسلَّم عدن مجددًا كما سُلِّمت من قبل؛ إما للحوثي الذي يتربص بالجميع، أو لطارق الذي يبحث عن موطئ قدم.

قيادات المصالح لا الأوطان ثلاثون عاماً من الضياع

في غمرة هذا الخطر الداهم، أين القيادات الصادقة؟ أين الرجال الذين يضعون الجنوب فوق مصالحهم الشخصية؟ للأسف، المشهد لا يبشر بخير. كلٌّ يبحث عن نفسه، عن حصّته من الغنيمة، عن حماية حاشيته وأتباعه. يكدّسون الثروات، ويهَرِّبون أموال الشعب لاستثماراتهم في الخارج، بينما الشعب يُترك ليواجه الموت والفقر والقهر وحده.

ثلاثون عامًا من الضياع والخذلان كفى! كفى كذبًا، كفى انتهازية، كفى خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الشرفاء. لقد آن الأوان أن نستفيق من غفلتنا، وأن ندرك أن مصيرنا لن يصنعه لنا أحد.

. إن الخلاص لن يأتي إلا بفرض إرادة شعب الجنوب على الأرض، ببناء قوة حقيقية تحمي مكتسباته، وبقيادات تضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار. فالعالم، كما أثبتت الأيام، لا يحترم إلا القوة، ولا يخضع إلا للأمر الواقع.

 

مقبل عاطف