شهدت حضرموت اسبوعا ساخنا قبل حدوث المشهد المحدد له في الثاني عشر من ابريل حددت الهضبة مكانا له وأعطيت له زخم من النداءات اقرب الى الاعلانات التي تطل على شاشات التلفاز بصورة متكررة تستفز المشاهدين.. يكون المواطن فيها شاهد على التاريخ وعدم التأخير عن موعده المجد واصفا إياه بنداء الكرامة وعرس القرار وفي اللحظة التاريخية الفاصلة والرعد المجلجل للقلوب في مشهد لم تعرفه حضرموت منذ عقود، تفتح فيه ملفات التاريخ وتنحر مئات الجمال لم تعرفه جزيرة العرب من قبل.
ومن لم يحضر أو رافضا المشاركة يعد خائنا وعميلا ومرتزقا ومشاركا بسلخ الهوية الحضرمية الاصيلة.. وتقوم هذه الاعلانات الاساءة بالقيادات الجنوبية الفاعلة بالميادين والمشائخ المؤثرة وفي مقدمتهم الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي بهدف تشويه سمعتهم في ظاهرة دخيلة على المجتمع الحضرمي وهذا ما لا نسمح به اطلاقا.. والمؤكد أن تصاعد الأحداث بهذا الشكل أو المحاولة في تصعيدها لا يمكن أن يكون كله صدفة وإن أختلفت أسباب التصعيد في كل حالة على حدة فلن تخرج الاسباب عن صراعات إقليمية ودولية أختارت حضرموت، ساحلها بالذات كمساحة لتصفية الحسابات في محافظتنا حضرموت الآمنة المستقرة التي يحسدها الأعداء فيما هي فيه. ولاشك ان كل القوى لها أهداف تريد تحقيقها.. أهداف سياسية واقتصادية تخدم استراتيجيتها، لكن غير الطبيعي أن هناك قوى داخل المحافظة تعمل بجد ونشاط في خدمة هذه الأهداف ضاربة بعرض الحائط بفكرة استعادة الدولة والهوية والحكومة الفيدرالية.. كنا نتمنى ان يحافظوا فقط على الاقل بتوحيد الكلمة والصف لتحقيق ما تصبو إليه حضرموت من مطالب حقوقية، ولكن للاسف وضعوا المصالح الشخصية ومصالح القوى التي يعملون في خدمتها فوق أي إعتبار، وتحولوا الى مشائخ حرب منهم من يسعى الى اقامة أقليمه الخاص به على حساب الدولة التي ينتمي إليها، والغريب ان اصوات مشائخ الحرب أصبحوا زعماء وطنيين على الفضائيات يعلنوا من منابرها بالحكم الذاتي مطالبين التحالف بتنفيذها بصورة عاجلة. ينظرون الى أنفسهم محررين لحضرموت وممثلين لها، أرسلتهم العناية الإلهية لهذا.. ولو فرضنا وجود حسن النوايا فيهم.. ألا يعلمون بأفعالهم بأنهم يخدمون قوى لا تريد الخير لحضرموت خاصة وللجنوب عامة ولا بإستعادة دولته وهويته التي ما زالت تقدم لأجله مئات الشهداء؛ فكيف تناسوا دماء الشهداء مقابل الفتات الذي يقدم من أعداء حضرموت لهم لتفتيت نسيجهم المجتمعي والاسري واشعال الحرب الأهلية بين الأخ وأخيه وهذا شئ غير مقبول ولن يسمح من به لب حكيم.
دعك من مسألة التاريخ والقوانين.. فهناك عوامل تعمل على إفساد التجربة.. يأكلون القطاع العام، يسخرون منه بعد الخراب بفشل النظام.. فأي تاريخ تريد فتح ملفاته وانت عاجز عن المشاركة في صنع التاريخ ورضيت ان تكون متفرجا في مقاعد اللاعبين؟ وأي قرار تملكه وانت فاقد لسيادتك؟ لن تكون السيادة إلا باستعادة الدولة والهوية الجنوبية التي سلبت بقوة الحرب الجائرة باسم الدين.. فأين عقلك؟ هل فقدته؟ وفاقد الشئ لا يعطى.
رفعت الستارة ظهر السبت بعدما نحرت الجمال قبل أن يرفع المؤذن آذان الفجر.. ظهرت ما تبطنه الدواخل بين العجالة والتكرار.. شبيهة بالزوبعة في فنجان مكسور، رجعتني الذاكرة الى قول شاعر شعبي لأحداث سابقة مرت على حضرموت.. وكأن التاريخ يعيد نفسه بزوامله وتجمعه يقول فيها:
فنجان عادي وسط المعشرة
من الفناجين لي هن عاديات
من خلال الصورة تذكرت الحدث الذي أفل، ومن خلال التجمع استوحى الشاعر فأله (توقعه) بأن وسط الجموع (عدو).
إن الحدث قد يصاحبنا صعودا إن لم نتداركه بالعقل والحكمة، خاصة ان المطالب جاءت على إستحياء وعجل..مختصرة في نقاطها ومتكررة في مضامينها،ومتوافقة مع المطالب الحقوقية للمطالب المقدمة من المجلس الانتقالي الجنوبي، فأين المشكلة إذن؟ والاختلاف لا يولد الخلاف وانما بالحوار يتم التصحيح بما يتوافق عليه الجميع..في مشروع واضح التفنيد، فالقضية قضية الجميع والوطن للجميع. ومن هنا كانت المبادرة التي دعى إليها اللواء الركن فرج سالمين البحسني عضو مجلس القيادة الرئاسي وليدة الوقائع الملموسة، والمتغيرات المتسارعة الذي تتطلبها الاوضاع.. حيث دعى الى تشكيل حامل سياسي حضرمي يضم جميع المكونات السياسية والعسكرية والقبلية والمدنية بهدف توحيد الصف والكلمة لنبذ الخلافات المؤدية لتمزيق النسيج الحضرمي والاقصاء والتهميش والوصايا والتفرد بعيدا عن الأنانية المؤدية الى فقدان او تعطل المصالح العامة وتغليب منطق الحوار لاجل بناء مشروع حضرمي يتسع للجميع، تسنده الارادة الحرة لأبناء حضرموت.
إن العمل الجاد والتعاون المشترك يمكن لحضرموت ان تتجاوز التحديات التي تؤدي الى تفاقم الاوضاع وعدم الاستقرار وذلك من خلال:
-- إجراء التحليل العميق للثغرات الموجودة في نسيج حضرموت الاجتماعي والاقتصادي.
-- إيجاد حلول شاملة ومتكاملة لمعالجة هذه الثغرات.
-- تعزيز المشاركة المجتمعية في عملية اتخاذ القرارات.
-- تعزيز التعاون الأقليمي والدولي لتبادل الخبرات والموارد.
لا شك أن حضرموت تعيش أصعب مراحلها وتواجه منعطفات خطيرة اخترقت نسيجه من خلال ثغرات لم تجد حلولا في وقتها مما وسعت في مساحتها فأعطت الفرصة للطامعين فيها ضالتهم مستغلين التردي المعيشي والاقتصادي والخدماتي وتدهور العملة بشكل مخيف في ظل تدني الاجور وارتفاع معدلات البطالة.. كلها أسباب مشجعة لاقتناء المال ولا يهمه مصدره وتدفقه ولاجل ماذا؟ حاجته للمال أهم من الجواب لتأمين متطلبات وحاجيات أسرته من طعام وعلاج وتعليم وغاز وكهرباء وماء والاضطرار الى المديونية و التسول.. كلها أسباب مؤدية الى التمرد على المجتمع والدولة، وقد سبق لنا ان حذرنا من مغبة عدم وجود الحلول واللجوء الى التأجيل والترقيع وهذا لا يأتى إلا من فشل القائمين على تحمل مسئولياتهم مما يجعل المواطنين في غير مأمن من المستقبل.
صورة انتظرناها بحذر ومشهد رأيناه تحت اعمدة الشمس الحارقة من حولنا.. تغيرات مفروضة من قوى خارجية وأخرى بفعل عوامل داخلية.. فياترى ماذا تحمله لنا الكاميرا الخفية في الايام القادمة؟ وياقارئة الفنجان ماذا تقرئي؟
هذا ما سوف نعرفه ربما يكون قريبا.
حفظ الله حضرموت وأهلها..
حضرموت الجنوب.. والجنوب حضرموت..
قاداتنا خط احمر.. لا نسمح بالمساس لهم بالاساءة
عيدروس قاسم الزبيدي قائدنا
والمجلس الانتقالي الجنوبي يمثلنا
واستعادة الدولة والهوية مطلبنا