بديل هوية الجنوب العربي التشرذم

2025-04-07 21:19

 

حقائق قد تكون مرة أمام شعب الجنوب العربي لكن لا مناص من التعرض لها بتجليات خالية من الأيديولوجيا  والتحزب الضيق وأوهام فرض الوحدات بالقوة أو بالحيل  والفهلوات.. فكل ذلك بات من التاريخ الآثم الذي يحصد ثماره الفاسدة شعب الجنوب العربي مذ اغتصاب تسميته وهويته وتاريخه وجغرافيته اعتباطا في 30 نوفمبر1967 وعام1970 بتقديم الجنوب العربي على مذابح الأيديولوجيا  وقتل وطرد واعتقال رجال الجنوب العربي أهل الحكم والفهم والسياسة. واستقدام حكام ومنظرين ايدولوجيين من بلدان الشام واليمن والعراق وافريقيا وادخلوا الجنوب العربي في متاهات الطروحات الجدلية هروبا من خطأهم بتزييف تاريخ شعب عربي عظيم بحضارات عظيمة شهدتها جغرافيته وتم شطبها في غفلة من الزمن ووهدة من شعب الجنوب العرب  لم يدرك حجم الخطأ  فيها غير مذ7/7/94

 

ومن هنا اجد نفسي ملزما بمسايرة القوم بالدخول في تعريفات جدلية رغم وضوح الجغرافيا وأقول إن اليمن لفظة تعني الجنوب ..والشام لفظة تعني الشمال هذا في لغتنا العربية وايضا كما جاء في التوراة يامنت وشامت والمقصود بها مايقع جنوب الكعبة المشرفة يامنت ومايقع شمالها شامت   .. والمغرب العربي لفظة يقابلها المشرق العربي.. لكن الجنوب العربي اسم علم بذاته لجغرافيا محددة بمساحتها وبحرها العربي وجزرها وخليجها (خليج عدن العربي) ولاتوجد جغرافيا في الوطن العربي تقابلها تسمى الشمال العربي..  فالجنوب العربي اسم علم دال على رقعة جغرافية معروفة انتشرت عليها 23 سلطنة وإمارة ومشيخة وولاية منذ القرن الخامس عشر الميلادي حتى 30نوفمبر1967.. وفي مفاوضات وفد الجبهة القومية التي جرت في جنيف خلال الفترة 22/29 نوفمبر1967مع الوفد البريطاني وهم يضعون جدول أعمال المفاوضات طرح الوفد البريطاني موضوع المفاوضات استقلال الجنوب العربي   بينما طرح وفد الجبهة القومية استقلال الجنوب اليمني وهنا بدأ خلاف حاد كاد ينهي المفاوضات عندما طرح الوفد البريطاني أن بريطانيا لاترتبط باية مسئولية بالجنوب اليمني وليس من مسئولياتها السياسية و القانونية التفاوض حوله.. 

وهنا تدخل المستشار السياسي السفير الجزائري المعتمد في القاهرة والمنتدب من جامعة الدول العربية الاخضر الإبراهيمي لمساعدة وفد الجبهة القومية كمستشار بمقترح  لوفد الجبهة القومية أن تقبل بالطرح البريطاني استقلال الجنوب العربي لإخلاء مسئوليتها السياسية والقانونية والدولية ثم بعد انتقال تلك المسئوليات للجبهة القومية وقيام دولة الاستقلال تسميها الجبهة القومية بأية تسمية تختارها على مسئوليتها .. وتم التوافق على هذا المقترح .. 

وتواصلت المفاوضات حول استقلال الجنوب العربي وفي 30نوفمبر1967 أعلنت الجبهة القومية قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ورفعت العلم من طرف واحد في مراسيم مختصرة لم يحضرها اي مسئول بريطاني كما جرت الاعراف ولم تمنح بريطانيا وثيقة الاستقلال للدولة الوليدة حسب الاعراف المعتادة بسبب تغيير الهوية.. فبريطانيا لم تحتل الجنوب اليمني والجبهة القومية لم تقم دولتها على جغرافية الجنوب اليمني..  وانما بريطانيا احتلت عدن اللحجية ومن سلطنة لحج  عام1839م وعقدت معاهدات صداقة ومعاهدات حماية مع سلاطين سلطنات منتشرة على أرض سواحل جنوب شبه الجزيرة العربية وليس الجنوب اليمني ..وايضا الجبهة القومية لم تحضر جغرافية ارض اسمها  الجنوب اليمني وانما أقامت دولتها المستقلة على جغرافية الجنوب العربي الذي مرسمه حدوده وسدودة مع اليمن منذ عام1914 بدون أية حرب ومعمدة من المملكة اليمنية المتوكلية كدولة مستقلة عام1934وأيضا بدون أية حرب.

 

لكن تظل هوية حضرموت هي الهوية الوطنية التي تستحق فعلا الأخذ بها بعد قيام دولة الجنوب العربي الفيدرالية  لان راهنا لاصفة لها في العلاقات الدولية وفق ميثاق الأمم المتحدة المعمول به في الوقت الراهن  بينما الجنوب العربي له ملفات في هيئة الأمم المتحدة وقرارات دولية باستقلاله  مذ ماقبل تأسيس الجبهة القومية إضافة إلى أن الدولة التي قامت على جغرافيته في 30نوفمبر1967 باسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ثم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وما اكتسبه خط الاستقلال للحدود الدولية من شرعية دولية لاتعطي بديلا عن اسم وهوية الجنوب العربي  ناهيكم باحتمال رفض أهل حضرموت تعميم هويتهم لأبعد من المحافظتين الخامسة والسادسة  وهو المشروع الذي يعترضه هو الآخر مطالب المحافظة السادسة التي هي سلطنة المهرة وجزيرة سقطرى سابقا ومساحتها الجغرافية الكبيرة .. وفي كل الأحوال وصل الجميع في الجنوب إلى خيارات صعبة فإما دولة الجنوب العربي الفيدرالية وحضرموت في الصدارة بحكم ثقلها الاقتصادي والعلمي والتاريخي والبشري أو من  يتمسكوا باليمننة قد يتم ضمهم مع اليمن السياسي  وتدويل  ولاية عدن بمثل حالة جبل طارق   _وهذا  ماتعرضه حاليا أطراف الصراع اليمنية على الدول _ ومن يتمسكوا بهويات أخرى ستقام دولتهم أو دولهم المستقلة على جغرافية اسمها الجنوب العربي أو دولة  حضرموت ودولة المهرة .. فاليمن  أمسى اسما علما دالا وخاصا بدولة معينة بحدودها ( باسم اليمن السياسي) منذ توقيعه معاهدة الحدود مع السعودية عام1934 ومعاهدة الحدود الدولية مع مستعمرة عدن ومحمياتها الغربية والشرقية ( الجنوب العربي) فالجغرافيا ثابته  والدول وأنظمتها متغيرة  وتطرح  محافظة المهرة أن المهرة وسقطرى إقليم في نطاق دولة الجنوب العربي الفيدرالية أو دولة مستقلة  أن لم يتم الأخذ بتسمية الجنوب العربي الفيدرالي ويتحمل  المسئولية. التاريخية والأخلاقية من لازالوا متمسكين بفرض (اليمننة) والوحدة اليمنية على جغرافية  تحمل عدة تسميات باتت هي الحل أكثر من  اليمننة ووحدتها الفاشلة.

 

 الباحث /علي محمد السليماني