مجلس النواب اليمني.. عندما تتحول الأزمات الوطنية إلى دردشة جماعية

2025-03-28 04:18
مجلس النواب اليمني.. عندما تتحول الأزمات الوطنية إلى دردشة جماعية
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس - د. مروان هائل عبدالمولى

صرح رئيس مجلس النواب اليمني بأن هناك مجموعة مخصصة لمناقشة القضايا البرلمانية والوطنية بين الأعضاء فقط عبر الواتساب مع أن المتعارف عليه عالميا ومعظم الدساتير والأنظمة البرلمانية تشترطه هو أن تكون جلسات البرلمان في أماكن معتمدة رسميًا.

 

الجلسات البرلمانية تحتاج إلى نصاب قانوني وإجراءات رسمية مثل التوثيق والتصويت وإصدار القرارات وهو ما قد يكون غير ممكن عبر واتساب الذي يتحول النقاش فيه إلى رسائل نصية تفتقر إلى العمق والفهم الكامل للقضايا المطروحة.

 

لقاء مجموعة الواتساب يعادل لقاء جلسة تحت قبة البرلمان الرسمي وقد يعتقد البعض أن هذه الخطوة تعكس مرونة مجلس النواب وقدرته على التكيف مع العصر، لكن الواقع يثبت عكس ذلك تمامًا إلى حد تسمية هذه الوضعية بالكوميديا السياسية.

 

فقط تخيلوا معي من "اجتماعات القمة" إلى "مجموعات الواتساب" وبدلًا من الجلسات التقليدية التي تتطلب ترتيبات معقدة ووقتًا طويلاً تحول مجلس اليمني إلى مجموعة دردشة على "واتساب" وأصبح الأعضاء يجتمعون افتراضيًا، حيث يرسلون رسائل نصية سريعة بدلًا من مناقشات عميقة وعوضًا عن أن يتبادلوا الآراء في قاعة البرلمان، أصبحوا يقضون وقتهم في كتابة "صباح الخير" و "كيف حالكم" قبل الدخول في صلب الموضوع.

 

يظن مجلس النواب اليمني بأنه قد وجد حلاً مبتكرًا لجلساته، لكنه في الحقيقة أغرق نفسه في بحر من السخرية والقضايا الوطنية تحولت إلى موضوعات خفيفة ودردشة تفقد البرلمان هيبته ووظائفه الدستورية والقانونية كما أن هذا التحول يثير الكثير من التساؤلات حول جدوى وسلامة استخدام هذه المنصة في مثل مواضيع حساسة تتعلق بقضايا البرلمان وبالشأن الوطني العام.

 

كيف يفسر رئيس مجلس النواب عمل لجان المجلس المختلفة عبر الوتساب؟ وكيف يمكن للبرلمان دراسة القضايا الوطنية الهامة وتقديم الحلول المناسبة عبر الواتساب؟ وكيف يتيح مجلس النواب اليمني الفرصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم ومطالبهم إذا كان نشاطه عبر الواتساب؟ كيف يتم الإلغاء أو التصديق للاتفاقات الدولية والخارجية التي يبرمها ممثلو السلطة التنفيذية؟ كيف سيحرص البرلمان على استعادة الدولة اليمنية وإنهاء معاناة الشعب عبر الواتساب؟

 

هناك خطورة قانونية وأخلاقية في استخدام الواتساب كوسيلة لمناقشة القضايا الوطنية، أولا قد تؤدي المحادثات على هذه المنصة إلى تسريب معلومات حساسة يمكن أن تضر بالمصالح الوطنية، ثانيًا تفتقر محادثات "واتساب" إلى الوثائق الرسمية التي يمكن أن تُستخدم كمرجع قانوني فالمناقشات التي تجري عبر الرسائل النصية لا تُعَدّ سجلات رسمية، مما يعني أنه قد يكون من الصعب إثبات ما تم الاتفاق عليه أو مناقشته في حال حدوث أي نزاع ثالثا، النقاشات عبر "واتساب" قد تؤدي إلى سوء الفهم وسوء التفسير مما يخلق خلافات، وقد تحجب الأبعاد الإنسانية والمعنوية للازمة، مما يجعل الأعضاء يتعاملون مع القضايا الوطنية بشكل سطحي.