27 رمضان.. يوم تحرير عدن وإرادة الجنوب التي لا تنكسر

2025-03-27 18:58
27 رمضان.. يوم تحرير عدن وإرادة الجنوب التي لا تنكسر
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

 

 

 

تحلّ علينا ذكرى 27 رمضان من كل عام حاملة معها عبق النصر الذي سُطّر بدماء الأبطال، يومٌ لم يكن كسائر الأيام، بل كان نقطة تحول مفصلية في تاريخ الجنوب، حين دُحرت مليشيات الحوثي وأعوانهم من إيران من عدن، في ملحمة بطولية خاضها أبناء الجنوب بدعم وإسناد مباشر من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

 

لم يكن سقوط عدن بيد الحوثيين في مارس 2015 إلا نتيجة لمخطط توسعي إيراني هدف إلى فرض هيمنة طهران على جنوب الجزيرة العربية، مستخدمًا أدوات محلية تحركها الأجندات الطائفية، لكن الجنوب كان يقظًا، ولم تكن معركة تحرير عدن معركة عسكرية فحسب، بل كانت معركة هوية ووجود، تجلّت فيها تضحيات المقاومين الجنوبيين الذين أثبتوا أن الأرض لا يقبلها إلا أبناؤها.

 

دخلت دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات على خط المواجهة مدركة أن سقوط عدن كان سيمثل كارثة استراتيجية تهدد أمن المنطقة بأسرها. كان الإسناد الجوي والدعم العسكري الذي قدمه التحالف حاسمًا في قلب موازين المعركة، وأسهمت قوات النخبة الإماراتية والسعودية، إلى جانب المقاومين الجنوبيين، في صنع مشهد التحرير الذي أعاد الجنوب إلى أهله وأبعد شبح الاحتلال الحوثي.

 

لم يكن 27 رمضان مجرد يوم للنصر العسكري، بل كان إيذانًا بمرحلة جديدة من النضال السياسي، حيث أدرك الجنوبيون أن المعركة لا تتوقف عند دحر الحوثيين، بل تمتد نحو إعادة ترتيب الصفوف السياسية، وهو ما تُوّج لاحقًا بإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017، كحامل سياسي لقضية الجنوب، مستندًا إلى مشروعية المقاومة والتضحيات التي قُدّمت.

 

منذ تحرير عدن، تعرّض الجنوب لحرب ممنهجة، ليس فقط من قبل بقايا المشروع الحوثي، بل من أطراف حاولت إفراغ النصر من مضمونه عبر استهداف الأمن والاستقرار، ونشر الفوضى، وعرقلة الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقلالية السياسية والعسكرية. ورغم ذلك، أثبت الجنوب أنه عصيٌّ على الانكسار، وأن الإرادة التي صنعت نصر 27 رمضان قادرة على مواجهة كل التحديات.

 

اليوم، ونحن نحيي هذه الذكرى العظيمة، يبرز سؤال جوهري: كيف نحافظ على هذا المكسب ونؤسس لمرحلة قادمة يكون فيها الجنوب أكثر قوة واستقلالية؟ الإجابة تكمن في تعزيز الوحدة الوطنية، ورص الصفوف، والاستمرار في حماية المكتسبات، وتقدير التضحيات التي قُدمت، وعدم السماح بعودة المشاريع التي أُسقطت في ذلك اليوم المجيد.

 

إن 27 رمضان ليس مجرد تاريخ، بل هو درس في التضحية والإرادة والوفاء، وهو وعدٌ بأن الجنوب سيظل حرًا، شامخًا، يرفض الوصاية والهيمنة، مستندًا إلى تاريخه المجيد، ومتطلعًا إلى مستقبله المستقل.