الشياطين المصفدة في رمضان وبزبوز بن حبريش

2025-03-24 13:41

 

يبدو أن النائب الأول لمحافظ حضرموت، رئيس مؤتمر حضرموت الجامع، الشيخ عمرو بن حبريش قد اكتشف فجأة أن الرحمة فضيلة موسمية، تمامًا مثل الزينة الرمضانية التي تُعلق على الجدران ثم تُزال بمجرد انتهاء الشهر الفضيل.

 

ففي خطوة تحاكي تقلبات الطقس السياسي، أعلن بأنه سيسمح لقاطرات النفط بتمويل كهرباء عدن خلال رمضان، لكنه سيغلق البزبوز بعد العيد، وكأن مخافة الله تأتي مع رؤية الهلال وتختفي مع تكبيرات العيد.

 

يا سيد عمرو، هل الرحمة عندك مرتبطة بالتقويم الهجري؟ هل فتحت "بزبوز" قلبك "بالنظام الرمضاني" فقط لتغلقه بعد العيد؟ هل معنى ذلك أن الكهرباء في عدن ستتحول إلى ضحية لجدول عبادتك وتقربك لربك، فتكون الصدقات مستحبة في رمضان، والانتقام والحقارة مشروعًا بعده؟

 

والمثير للسخرية، أن هذا القرار لا يُفسَّر إلا باعتباره عقوبة جماعية لملايين البشر الذين لا ناقة لهم ولا جمل في معاركك السياسية الغبية.

 

فهل أصبح المواطن العدني هو العدو الذي يجب محاصرته بالنفط؟ أم أنك ببساطة وجدت في العيد فرصة لرفع شعار "كفّروا عن ذنوبكم بالظلام!"؟

 

وإذا كنت، يا شيخ عمرو، تعتبر أن تمويل كهرباء عدن خلال الشهر الفضيل هو من باب الإحسان، فهل يعني ذلك أن العيد هو موسم رفع الحصانة عن الأخلاق التي رباك عليها عمك"رحمة الله عليه"؟ أم أنك تخاف الله فقط في ثلاثين يومًا بالسنة، ثم تمنح نفسك إجازة من الضمير بقية العام؟

 

إن كان رمضان قد نجح في تحريك شيء من إنسانيتك، فحاول أن تتمسك به حتى بعد العيد، وإلا فإن رحمتك الموسمية ستصبح موضع تندر وسخرية، وسيراك الناس مجرد مسؤول يضيء مصباح ضميره في رمضان فقط، ثم يطفئه مع آخر ليلة منه، تمامًا كما ستنطفئ كهرباء عدن بقرار شخصي منك.

 

طيب يا عمرو، دعنا نفهم منك، ما علاقة المواطن العدني البسيط، الذي لا حول له ولا قوة، بخلافاتك السياسية مع المجلس الانتقالي؟ هل قررت أن تعاقب المساكين الذين يعيشون في ظلام دامس وكأنهم هم من صادروا قرارك السياسي؟ أم أنك وجدت في الكهرباء ورقة ضغط لتصفية حساباتك، ولو كان الثمن هو تعذيب الناس في حر الصيف حتى يذعن الانتقالي لرغباتك ويحقق أمانيك وتطلعات هوسك بالتفرد بالقرارات الجنونية..

 

إذا كنت ترى أن لديك قضية عادلة بشأن حضرموت ومواردها، فلتواجه خصومك السياسيين برجولة وشرف، لا أن تمارس دور "الجلاد" على سكان عدن الذين يكفيهم ما فيهم. لكن يبدو أن الأسهل بالنسبة لك هو تقمص دور الحاكم بأمره ورفع شعار: "لن يمر برميل نفط واحد إلا بمزاجي".

 

ولتعلم يا هذا أن التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنسى، ومن يعبث بمعيشة الناس اليوم، سيجد نفسه غدًا مجرد ذكرى ونطفة سيئة في صفحات النسيان، فراجع حساباتك، قبل أن ينقطع عنك التيار السياسي كما انقطع التيار الكهربائي عن عدن، فتأمل...