المؤسسة العامة للطرق والجسور بعدن تعمل بوثائق وتوجيهات صنعاء

2025-03-16 10:11
المؤسسة العامة للطرق والجسور بعدن تعمل بوثائق وتوجيهات صنعاء
شبوه برس - متابعات - اخبارية

 

تقرير: المؤسسة العامة للطرق والجسور بعدن تعمل بوثائق وتوجيهات صنعاء

 

*- شبوة برس - عدن «الأيام» خاص:

​مؤسسة الطرق تزاول أنشطتها بدون مجلس إدارة وبغياب كامل للرقابة

عشرات المشاريع المسلمة لمؤسسة الطرق أصبحت في حكم المتعثرة

المؤسسة تضلل الجهات الرسمية وتستحوذ على تمويل مزدوج

مدراء فروع حولوا مؤسسة الطرق ومعداتها إلى استثمار خاص

تسيب مالي وإداري يعصف بالمؤسسة العامة للطرق والجسور

> تعتبر المؤسسة العامة للطرق والجسور من المؤسسات الحيوية المسؤولة عن تطوير وصيانة البنية التحتية في اليمن، وهي تلعب دورا أساسيا في إعادة إعمار شبكة الطرق والجسور التي دمرتها الحرب المستمرة، وتعد المؤسسة العامة للطرق والجسور (كمقاول حكومي) هي اليد اليمنى لوزارة الأشغال العامة والطرق في تنفيذ أعمال صيانة وإنشاء الطرق والجسور وسلاحها في كبح طمع مقاولي القطاع الخاص يرفع أسعار عطاء الهم في المناقصات فهي المقاول الأول في الجمهورية من حيث أسطول الآليات والمعدات والخبرة المكتسبة في هذا المجال.

 

رغم الدعم المالي الكبير الذي تلقته المؤسسة عبر صندوق صيانة الطرق، إلا أن هناك تقارير متعددة وشواهد ميدانية تشير إلى سوء إدارة مالية وإدارية داخل المؤسسة، مما أدى إلى تدهور الأداء وتعثر مشاريع حيوية.

هذا التقرير يستعرض التباينات القانونية والإدارية التي تم رصدها داخل المؤسسة ويستند إلى القوانين النافذة وتقارير صادرة عن مدراء للفروع ولجان أخرى، بالإضافة إلى شكاوى من العاملين في المؤسسة، مع تقديم توصيات إصلاحية لتعزيز الشفافية والمساءلة.

وضع المؤسسة العامة للطرق والجسور

منذ بداية الحرب، تعرضت البنية التحتية في المحافظات المحررة لدمار كبير، مما زاد الحاجة إلى تدخلات عاجلة لإعادة تأهيل وصيانة الطرق وكبقية مؤسسات الدولة الأخرى التي انتقلت إلى عدن منذ عام 2016 بحسب قرار رئيس مجلس الوزراء، ولكي يتم تفعيل دور المؤسسة لتقوم بعملها الريادي في صيانة وإنشاء الطرق، ولهذا الغرض كان لابد من دعم الإدارة العامة في عدن حيث حصلت المؤسسة على العديد من المشاريع بشكل تكاليف مباشرة فقد وجهت إلى المؤسسة العامة للطرق والجسور العديد من المشاريع الممولة من صندوق صيانة الطرق تجاوزت 70 مشروعاً (بنسبة 65 % من إجمالي عدد مشاريع الصندوق) موزعة على مختلف المحافظات المحررة، بتكلفة إجمالية تجاوزت 39 مليار ريال يمني منذ يناير 2022، وحتى أكتوبر 2024 ولكن هذه المشاريع تأخرت كثيرا بالإنجاز وأكثر من 27 منها في حكم المتوقف، وهذه فقط المشاريع من يناير 2022م إضافة الى أكثر من 30 مشروعا خلال الفترة (2018 - 2021) كلها تعثرت وتوقفت المؤسسة فيها ولم تنجزها وظلت معلقة إلى أن تم تكليف لجنة وزارية لحصرها وتصفيتها وتمت التصفية في فبراير 2024.

مشكلات وتحديات قانونية

رغم هذا الدعم الكبير، إلا أنه لم يعكس أي تحسن ملحوظ في أداء المؤسسة أو في قدرتها على تنفيذ هذه المشاريع بالشكل المطلوب لتنفيذ صيانة الطرق أي أن هناك فجوة كبيرة بين الدخل المحقق والنتائج المحققة، والتي تبرز مجموعة من المشكلات والتحديات القانونية والمالية والإدارية، وأبرزها عدم تشكيل مجلس إدارة للمؤسسة خلافا لقانون إنشاء المؤسسة وقانون الهيئات والمؤسسات والشركات العامة.

ويعد عدم تشكيل مجلس إدارة فعّال وفقًا للقانون أحد التحديات الكبرى، حيث يتم اتخاذ قرارات مالية وإدارية دون وجود هيئة إشرافية تضمن الشفافية والنزاهة، غياب مجلس الإدارة يتيح بيئة خصبة للانفراد بالقرار وسوء الإدارة.

وفيما ينص قانون إنشاء المؤسسة على وجوب وجود مجلس إدارة لضمان رقابة فعالة وتوجيه المؤسسة وفق الأهداف المحددة لها، إلا أنه لم يتم تشكيل مجلس إدارة حقيقي منذ نقل الإدارة إلى عدن، مما أدى إلى غياب الرقابة الحقيقية على الأنشطة الإدارية والمالية، ما سمح بانتشار عشوائية العمل المالي والإداري وفتح المجال لاتخاذ قرارات دون إشراف قانوني واضح.

مخالفات مالية جسيمة

وخالفت المؤسسة قانون إنشائها الذي نص بحسب المادة 11 بأن تكون للمؤسسة موازنة تقديرية على غرار الميزانيات التجارية وتعتبر أموال المؤسسة مملوكة للدولة ملكية كاملة، وبحسب ما جاء في المادة رقم (44) من قانون الهيئات والمؤسسات (قانون رقم 35 لسنة 1991) يجب على المؤسسة القيام بمسك الحسابات استناداً إلى أسس المحاسبة التجارية والتي تعكس النشاط الاقتصادي وقيد إيراداتها ونفقاتها وأرباحها وخسائرها وفقاً للنظام المحاسبي الموحد، وإعداد الحسابات الختامية وقوائم المركز المالي ورفعها إلى الوزير ووزارة المالية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والجهاز المركزي للإحصاء، وذلك خلال ثلاثة أشهر من نهاية السنة المالية، ومتابعة المصادقة على حسابها الختامي وفقاً للإجراءات القانونية المقررة بالنسبة للحساب الختامي للميزانية العامة للدولة، لكن على أرض الواقع لا توجد موازنة تقديرية ولم تقم الإدارة العامة للمؤسسة أو الفروع بتقديم أي حسابات ختامية أو تقارير مالية منتظمة، مما أدى إلى غياب الرقابة المركزية وسهل التلاعب بالأموال العامة، الأمر الذي سمح بغياب التقارير المالية بالانفلات المالي وتراكم الأخطاء في إدارة المشاريع.

 

وهذا يؤكد عدم وجود نظام إداري مؤسسي داخل المؤسسة رغم أن المؤسسة تستمر في الاعتماد على الحكومة لصرف رواتب موظفيها، في حين أن اللوائح تقتضي أن يتم تمويل الرواتب من إيرادات المشاريع التي تنفذها المؤسسة، ورغم أن إجمالي المبلغ المنصرف للمؤسسة من قيمة المشاريع بلغ 20,930,376,918 ريالا للفترة (2022 - 2024) والمبلغ المخصوم لصالح الإدارة العامة 10 % منه بلغ 2,093,037,691 ريالا، ورغم أن هذا المبلغ كبير جدا لم يتم مواجهة صرف المرتبات منه، كما أن كادر الإدارة العامة الموجود حاليا بضعة أشخاص، ويعكس ذلك عدم كفاءة الإدارة المالية وغياب التخطيط لاستدامة الإنفاق، والذي حددته الفقرة 1 من المادة 37 لقانون الهيئات بأنه لا يجوز للمؤسسة التي لا تغطي إيراداتها ونفقات الإنتاج أو الخدمات أن تتحمل خسائر أكثر مما تحدده الخطة المقرة، وبحسب الفقرة 3 من نفس المادة فانه لا يجوز السماح باستمرار نشاط المؤسسة بخسارة إلا بموافقة مجلس الوزراء.

وفيما يتعلق بتطبيق القانون في توزيع صافي الأرباح، فقد نصت المادة 35 من قانون الهيئات والمؤسسات بأن يوزع الربح الصافي بعد تأدية الضرائب على النحو التالي:

 

15 % احتياطي قانوني.

15 % احتياطي عام.

 6 % حصة الحكومة من فائض الأرباح.

2 % حوافز للعاملين بحسب مساهماتهم في نشاط المؤسسة وفقاً لتقارير الأداء.

3 % لدعم المنشآت الاجتماعية والثقافية للعاملين.

 

وخالفت المؤسسة العامة للطرق والجسور هذا النص القانوني حيث تقوم الإدارة العامة بخصم 10 % من إجمالي قيمة المشاريع لصالحها، تحت ذريعة تحسين الأداء، ولكن هذه الخصومات لم تؤد إلى أي تحسينات ملموسة على مستوى العمل أو الكادر، أو في تطوير المعدات والآليات المستخدمة.

 

ولم تورد حصة الحكومة من صافي الأرباح (رغم تكفلها برواتب الموظفين) ولم تحتفظ بالاحتياطي القانوني والاحتياطي العام اللذين أوجبهما القانون كإجراء احتياطي لمساعدة المؤسسة في تعويض خسائرها في حال تعرضها للتعثر، وشكلت هذه الخصومات عبئا إضافيًا على المشاريع حيث اشتكى العديد من مدراء الفروع من غياب الدعم اللوجستي أو المعدات مقابل هذه الخصومات.

 

ولم تقم المؤسسة بإنشاء حساب الأهلاك للأصول الثابتة لأغراض الإحلال والتجديد في المؤسسة وعلى أن يودع هذا الحساب في البنك المركزي أو أحد فروعه أو البنوك التجارية المعتمدة من قبل البنك المركزي ولا يجوز التصرف في موارد هذا الحساب لغير أغراض الإحلال والتجديد إلا بموافقة مجلس الوزراء، وخالفت المؤسسة هذا النص القانوني حيث لم تقم الإدارة العامة بإنشاء حساب الأهلاك للأصول الثابتة، وهذا بدوره أدى لغياب الإحلال والتجديد في تطوير المعدات والآليات المستخدمة، والذي ينعكس على تعثر المشاريع.

وثائق مخالفة وتمس السيادة الوطنية

المخالفة الأكثر فداحة أن المؤسسة العامة للطرق والجسور منذ إنشاء الإدارة العامة في عدن لم تقم بتحديث أوراقها وبطائقها الضريبية والسجلات الرسمية واعتمادها من الجهات المعنية، وتقوم بتقديم أوراق ومستندات مخالفة (أوراق خاصة بالمؤسسة بصنعاء التابعة للمليشيات الانقلابية - أي صور من بعد 2014) وتطالب بإعفاءات ضريبية بموجب المعالجات المقدمة من رئيس الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات التابع للميليشيات الانقلابية، بل إنها قامت بتعميد وتقديم رسالة من رئيس مصلحة الضرائب للمليشيات الحوثية تؤكد فيه عدم الممانعة في تمديد فترة سريان المحضر بشان استثناء إيرادات المؤسسة من الخضوع لنظام الخصم والاضافة لضرائب الدخل وكذا خصم الضريبة على المبيعات معللين ذلك باستمرار الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.

تضليل صندوق صيانة الطرق والسلطة المحلية

وكشف تقرير صادر من مركز حضرموت، عن قيام المؤسسة العامة للطرق والجسور بتنفيذ مشاريع بتمويل من السلطات المحلية، ثم رفعت طلبات تمويل إضافي إلى صندوق صيانة الطرق لهذه المشاريع نفسها.. هذا الأسلوب يعكس تلاعباً واضحاً في استخدام الموارد، حيث يتم استغلال الصندوق لتمويل مشاريع قد تم تمويلها مسبقا.

 

وارتكبت فروع المؤسسة مخالفات في تنفيذ مشاريع من المحافظات والقطاع الخاص دون موافقة الإدارة العامة، حيث تقوم الفروع بتنفيذ مشاريع بتمويل من السلطات المحلية بالمحافظات والقطاع الخاص دون التنسيق مع الإدارة العامة أو إخضاع تلك المشاريع لرقابة مالية مركزية.

 

وكذلك تسليم مقاولين من الباطن لأعمال من المشاريع التي جاءتهم من الصندوق أو استئجار المعدات دون أي رقابة من الإدارة على الأسعار والمستخلصات لهذه الاعمال.

هذا الوضع يضعف القدرة على مراقبة الأداء ويزيد من فرص التلاعب المالي، حيث هناك أخبار شائعة بأنه تم شراء معدات من أموال المؤسسة وباسم مدراء فروع المؤسسة، ويتم استلام مشاريع وتنفيذها باسم مدراء الفروع أو مكاتبهم الخاصة وبمعدات المؤسسة.

غياب النظام الإداري

وتدار فروع المؤسسة العامة للطرق والجسور بشكل لا يتناسب مع الأنظمة واللوائح المنظمة للنظام المؤسسي وبدون تفعيل الإدارة المؤسسية القائمة على مبدا تقييم الربح والخسارة من خلال التقييم الشهري للتكلفة والإنتاج، وتفتقر الفروع والإدارة العامة إلى كوادر فنية وإدارية مؤهلة لإدارة المشاريع وتنفيذها بفعالية.

 

إنه تم تغييب كل الإدارات المختصة وعدم تفعيلها، الأمر الذي أدى إلى ضعف كبير في الرقابة على تنفيذ المشاريع، حيث لم تكن هناك فرق متخصصة لمتابعة العمل، مما أدى إلى تعثر العديد من المشاريع وإهدار الموارد.

 

ولا تزال المؤسسة تدير كل الفروع والمشاريع بعدد محدود من الأشخاص بالإدارة العامة والفروع دون تشكيل أو تفعيل أي إدارة من إداراتها وعدم متابعة الرفع بتقارير الإنجاز وبرامج العمل والموقف المالي (شهريا) من فروع المؤسسة.

الاعتماد على المقاولين من الباطن

تعتمد المؤسسة بشكل مفرط على تسليم مشاريعها إلى مقاولين من الباطن، حيث يتم تسليم مشاريع كاملة دون إشراف مؤسسي كاف، وأثر ذلك في استمرار ضعف قدرة المؤسسة ومستوى أدائها لتقوم بتنفيذ تلك الأعمال والاستفادة من الأرباح في صيانة المعدات والخلاطات الأسفلتية والكسارات.

 

وتستمر المؤسسة في العزوف عن تقديم عطاءاتها المنافسة في المناقصات المعلنة من الصندوق والجهات الأخرى رغم ما تحظى به المؤسسة من تمييز من حيث اعفاءها من تقديم أي ضمانات مالية عند تقديم العطاءات، إلا أنها عزفت عن تقديم عروضها في المناقصات التي يعلنها صندوق صيانة الطرق، واكتفت بالاعتماد على التكليف المباشر، الأمر الذي أدى إلى غياب دور المؤسسة من المنافسة في المناقصات وأفقدها دورها الأساسي في كبح أطماع المقاولين بتخفيض الأسعار من خلال منافستها لهم في تقديم أسعار منافسة بالمناقصات، واكتفت باعتمادها الكلي على التكليف المباشر، مما يؤدي إلى تضارب مصالح وعدم القدرة على النهوض بالمؤسسة.

إهمال معدات وآليات المؤسسة

على الرغم من التدفقات المالية الضخمة التي تحصل عليها المؤسسة العامة للطرق والجسور، لم يتم استخدام هذه الأموال لتحديث المعدات والآليات اللازمة لتنفيذ المشاريع، مما أدى إلى تعطيل العمل وتعثر المشاريع، وسابقاً كانت الإدارة المركزية تقدم دعماً أكبر للفروع من حيث توفير المعدات والخدمات اللوجستية، إلا أن الوضع تدهور منذ الحرب، وإنشاء الإدارة العامة في عدن وبحسب شكاوى وتقارير من الفروع تشير إلى ضعف الدعم اللوجستي وتهالك المعدات القديمة غير الفعالة.

تنصل من الواجبات الرقابية والإدارية

وبمخالفة لمسؤولياتها عمدت الإدارة العامة في عدن إلى التنصل من واجباتها الرقابية والإدارية تجاه الفروع، مما أدى إلى غياب التنسيق وإهمال متابعة المشاريع، وهو ما أدى إلى تأخير تنفيذ المشاريع وعدم الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة.

 

واكتفت المؤسسة بالاعتماد على الحكومة في دفع رواتب الموظفين بدلاً من الاعتماد على الإيرادات الذاتية التي يجب أن تغطي هذه التكاليف، رغم أن المؤسسة تحصل على إيرادات من المشاريع التي تنفذها، وأصبح صرف الرواتب يعتبر العبء الرئيسي في نفقات المؤسسة العامة للطرق والجسور، والذي كان من المفروض أن ينعكس أثره على تطوير وتحسين أداء المؤسسة حيث منذ عام 2018 وفروع المؤسسة العامة للطرق والجسور في المناطق المحررة بدأت بتنفيذ أعمال الصيانة للطرق بتمويل من صندوق صيانة الطرق وتتجاوز قيمة تلك المشاريع منذ تلك اللحظة مبلغ 44 مليار ريال، إلا أن سوء الإدارة المالية والإدارية في المؤسسة لم تستطيع تنظيم الاداء المالي وتسخير الأموال نحو تغطية إصلاح وتطوير المعدات التابعة لهم خلال تلك الفترة أو تشغيل المجمعات الإنتاجية - الإيرادية - الكسارات، والخلاطات الإسفلتية، والشاهد تحمل الحكومة رواتب موظفين المؤسسة العامة للطرق والجسور إلى يومنا هذا.

حسابات عبر محلات الصرافة

لا تلزم الإدارة العامة لمؤسسة الطرق والجسور وفروعها بتوريد المبالغ المستحقة لهم عبر البنك المركزي اليمني وتتعامل عبر محلات الصرافة، وكذلك عدم قيامها بتجيير الشيكات الخاصة بقيمة مستخلصات مشاريع المؤسسة إلى الحساب الرئيسي في عدن، بل يتم التحايل بإيداعها في حسابات بعض الفروع في المحافظات (مثل فرع الضالع) التي يسهل من خلالها سحب الأموال، ثم يتم تحويل هذه الأموال عبر محلات الصرافة إلى عدن، في محاولة للتهرب من الرقابة المالية الرسمية.

 

وتم الكشف عن هذه المخالفة من خلال تقارير داخلية، حيث تم رصد مبالغ كبيرة تم إيداعها في فرع الضالع وتحويلها لاحقا بطرق غير رسمية، ما يفتح بابا للتلاعب المالي والهروب من المحاسبة.

 

وارتكبت المؤسسة مخالفة جسيمة بعدم تعيين المدراء الماليين ومدراء الحسابات من وزارة المالية في الإدارة العامة والفروع ومدراء الموارد البشرية من الخدمة المدنية، وهذا بدوره يضعف الدور الرقابي لهذه الجهات على الأداء المالي والإداري بالمؤسسة ويتيح الاستمرار في تعيين مدراء ماليين وإداريين غير مؤهلين للإشراف على الإدارة العامة والفروع وغياب الرقابة والشفافية المالية والادارية، وهذا الإهمال يؤدي إلى سوء أداء إداري ومالي وتلاعب في الحسابات داخل الإدارة العامة والفروع، مما يتسبب بتضخم المصروفات وتعثر المشاريع.

غياب التدوير الوظيفي

تم الإبقاء على مدراء الفروع والمراكز في مناصبهم لفترات طويلة رغم عدم كفاءة أغلبهم أو قدرتهم على إدارة المشاريع، وهو ما أدى إلى تعثر واضح في الفروع، وكذا تم تعيين مدراء لفروع بالمؤسسة إلى جانب مهامهم كمدراء عموم لجهات أخرى ما يعد ازدواجا وظيفيا وتضارب مصالح، وإلغاء مراكز كانت مستقلة بضمها لفروع تحت إدارة مدير الفرع نفسه ما يضعف أداء المؤسسة وانتشارها الجغرافي، وهذا أدى إلى ضعف تنفيذ المشاريع، حيث إن بعض المدراء غير مؤهلين ولا يمتلكون الخبرة الكافية لإدارة العمليات المعقدة.

خطوات مطلوبة لانتشال مؤسسة الطرق

مما سبق نخلص إلى العوامل والخطوات المطلوبة لرفع وتحسين الأداء في المؤسسة، وهي النحو التالي:

 

1 - وضع رؤية استراتيجية واضحة:

- على الإدارة العامة وضع رؤية استراتيجية لتحسين الأداء وإدارة الموارد المالية المتاحة بشكل فعال.

- وضع خطة شاملة لاستغلال الأموال المخصصة لتحسين البنية التحتية أو المعدات، حيث تركز الجهود بشكل أساسي على تنفيذ المشاريع مع التركيز على بناء القدرات المؤسسية.

 

2- التفعيل للمركز الرئيسي في عدن لتحقيق الانفصال الفعلي عن المركز الرئيسي في صنعاء:

- كانت المؤسسة تعتمد بشكل كبير على المركز الرئيسي في صنعاء قبل الحرب، ومع انقطاع هذا الاتصال، واجهت الفروع صعوبات كبيرة في التنسيق والتوجيه، مما أثر سلباً على أداء المؤسسة.

 

- الافتقار إلى مركز إداري موحد أضعف من قدرة الفروع على التنسيق وتنفيذ المشاريع بكفاءة.

 

- يشكل الانفصال عن المركز الرئيسي في صنعاء تحديا كبيرا، حيث كانت المؤسسة تعتمد على المركز الرئيسي في صنعاء في إدارة وتوجيه الفروع.

 

- الارتباط الإداري والفني مع المركز الرئيسي كان يوفر دعماً كبيراً للفروع من حيث المعدات والخبرات الإدارية والفنية.

 

-  مع استمرار غياب دور المركز الرئيسي في عدن، فقدت الفروع دعمها السابق وأصبحت تعاني من نقص في الموارد، مما أثر بشكل كبير على جودة وكفاءة تنفيذ المشاريع.

 

- تطوير قيادة المؤسسة لكي تتمكن من إدارة الموارد والمشاريع بطريقة تعزز من كفاءة الأداء المؤسسي، بحيث أن القرارات الإدارية لا تتسم بالعشوائية.

 

- تفعيل دور البرامج التدريبية أو الخطط لتطوير كوادر المؤسسة التي تؤثر على الأداء التنفيذي للمشاريع.

 

- تفعيل القدرة على اتخاذ قرارات فعالة وسريعة، بالإضافة إلى التخطيط طويل الأجل الذي يضمن استمرارية التطوير المؤسسي.

 

3 - تفعيل دور الإدارة العامة والتنسيق بين الإدارة والفروع:

ضعف التنسيق بين الفروع والإدارة العامة للمؤسسة، مما أدى إلى عدم وجود توجيه مركزي واضح فيما يتعلق بتنفيذ المشاريع أو تحسين الأداء المؤسسي من خلال المناورة بالطاقم والمعدات بحسب الاحتياج من خلال برنامج عمل فني وإداري يخضع لرقابة ومتابعة الإدارة العامة غياب دور الإدارة العامة وتنصلها من المهام التي يتوجب على الإدارة العامة القيام بها تجاه الفروع ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

 

- الالتزام بتوفير المحروقات (ديزل/ بترول) بداية كل شهر بموجب برنامج عمل مقترح مقدم من الجهة.

 

- الالتزام بتوفير الأسفلت الخام وتوفير الخلطة الأسفلتية من خلاطات المؤسسة أو الخلاطات التجارية للمشاريع البعيدة من الخلاطات.

 

- الالتزام بتوفير المعدات الناقصة وقطع الغيار والزيوت بحسب الاحتياج بموجب مذكرة طلب من مدير الفرع.

 

- الرقابة المالية والفنية على الفروع ومستوى أدائها من خلال متابعة التقارير المالية والإدارية والمواقف المالية المرفوعة من الفروع بشكل دوري للإدارة لضمان التزام الفروع بالعمل بحسب لوائح وقوانين العمل المؤسسي وبمبدأ الربح والتكلفة المعمول به في المؤسسة.

 

- التدوير الوظيفي للمدراء الماليين والإداريين للفروع ومدراء الفروع والمشاريع.

 

- الالتزام بتوفير ومتابعة رواتب الموظفين نهاية كل شهر مع ساعات العمل الإضافي، وصرف صرفيات مطاعم الفروع والمشاريع نهاية كل شهر.

 

- الالتزام بتوفير ومتابعة التأمين الصحي للموظفين.

 

- الالتزام بإصلاح المعدات للأعطال الكبيرة والتي لا تسمح إمكانيات الفرع بإنجازها وذلك اما بإرسال فريق مختص لإصلاحها بالفرع أو سحب المعدة للورشة المركزية التابع للإدارة.

 

- توفير السيولة النقدية لتنفيذ المشاريع.

 

- الالتزام بدفع أجور حماية وحراسة أصول ومعدات المؤسسة وأجور السكن حتى خلال فترة توقف الأعمال.

 

- استعادة المعدات والمنشآت المنهوبة التابعة للمؤسسة.

 

- ترميم وإصلاح أصول ومعدات المؤسسة المتضررة من الحروب والكوارث الطبيعية.

توصيات

رغم الدعم المالي الكبير الذي تلقته المؤسسة العامة للطرق والجسور، إلا أن الأداء المؤسسي والتنفيذي لا يزال دون المستوى المطلوب للتغلب على هذه التحديات، يجب على المؤسسة ما يلي:

 

- تحسين آليات الرقابة على الفروع والإدارة العامة، مع إلزام الفروع بتقديم حسابات ختامية ومواقف مالية دورية للإدارة العامة لمتابعة الانفاق المالي وضمان الشفافية.

 

- تفعيل دور وزارة المالية في تعيين مدير عام الشؤون المالية والحسابات للإدارة العامة والفروع للمؤسسة ودور الخدمة المدنية في تعيين مدير عام للموارد البشرية لضمان تعيين مدراء ماليين وإداريين مؤهلين للإشراف على كل العمليات المالية والإدارية وتعزيز دور الرقابة على الفروع وضمان الشفافية المالية والإدارية.

 

- ضرورة تشكيل مجلس إدارة مستقل للإشراف على إدارة المشاريع وضمان الشفافية المالية.

- تفعيل دور المناقصات العامة والمنافسة العادلة، بدلاً من الاعتماد على التكليف المباشر، الضمان الشفافية وتحقيق أفضل العروض المالية والفنية.

 

- يجب تطبيق سياسة تدوير مدراء الفروع بشكل دوري لضمان تحسين الأداء ورفع مستوى الإنجاز بالمشاريع المتعثرة بسبب بقاء مدراء غير أكفاء في مناصبهم لفترات طويلة.

 

- يجب إيقاف الممارسات غير القانونية المتعلقة بإيداع الشيكات في حسابات الفروع وتحويلها عبر محلات الصرافة، والتأكيد على تجبير الشبكات إلى الحساب الرئيسي للمؤسسة فقط.

 

- تعزيز الإدارة المؤسسية من خلال إعادة هيكلة القيادة وتعيين كوادر ذات كفاءة عالية القيادة، المؤسسة والفروع لتضم كفاءات قادرة على إدارة المشاريع بشكل فعال، ووضع خطط استراتيجية واضحة تركز على تحسين الأداء المؤسسي وتعزيز القدرات التنفيذية.

 

- وضع خطط استراتيجية واضحة للتماشي مع احتياجات الوضع الراهن وتحسين الشفافية المالية عبر إنشاء نظام رقابي صارم يضمن استخدام الموارد المالية بالشكل الأمثل ويجب استثمار الخصومات التي تفرضها الإدارة العامة لصالح تحسين المعدات وتطوير البنية التحتية للمؤسسة، بدلاً من استخدامها بشكل غير واضح.

 

- يجب على الإدارة العامة تعزيز التنسيق مع الفروع، وتقديم دعم ملموس من حيث المعدات والخدمات اللوجستية مثل توفير القطع الغيار والمحروقات.

 

- تطوير البنية التحتية والمعدات حيث يجب توجيه جزء من الميزانية لتحديث المعدات والآليات الخاصة بتنفيذ المشاريع بحلاً من الاعتماد الكلي على المقاولين من الباطن.

 

- تفعيل الرقابة والمحاسبة يجب أن يكون هناك دور فعال للأجهزة الرقابية في متابعة تنفيذ المشاريع وضمان الجودة، مع محاسبة كل من يثبت تورطه في الأعمال أو سوء الإدارة.

خلاصة

على الرغم من أن المؤسسة العامة للطرق والجسور تلعب دوراً حيويا في إعادة إعمار البنية التحتية لليمن، فإن قيادتها الحالية لم تتمكن من النهوض بمسؤولياتها بالشكل المطلوب تعكس التباينات والتحديات التي تم توثيقها في هذا التقرير وجود سوء أداء إداري ومالي داخل المؤسسة العامة للطرق والجسور.

 

هذه التجاوزات أثرت بشكل مباشر على كفاءة المؤسسة في تنفيذ المشاريع التنموية الضرورية، وأدت إلى إهدار الموارد المالية، يجب تبني إصلاحات جذرية تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسة، وضمان متابعة الأموال العامة بشكل أكثر فعالية، بما يسهم في تحسين الأداء ورفع كفاءة البنية التحتية.