الحرب على سيف بحر العرب

2025-03-02 16:52

 

كانت الحرب على ضفاف بحر العرب في صيف 1994 ، عبارة عن مسرحيات كوميدية متواصلة منذ نشوبها حتى نهايتها ، وكانت من إعداد مخرج واحد ، وإن كان أبطال مسرحيات تلك الحرب متعددون وغير متجانسون ، بالرغم من وحدة هدفهم ظاهريا ، إلا إن أهداف الكثير منهم عكس الهدف الظاهري للجميع ، وكانت أهداف الكثير منهم تصب في نفس مجرى هدف المخرج العام لمسرحيات هذه الحرب . لا زال في مخيلتي ذلك الظابط الجنوبي الرفيع المستوى في الجيش الجنوبي ، والذي اغتالته أيدي الغدر والخيانة وأردته قتيلا على ضفاف بحر العرب ، لكونه كان يقف سدا منيعا هو وقواته في وجه تقدم القوات اليمنية المعادية ، وذلك من أجل فتح ثغرة للقوات اليمنية المعادية ، في خط قوات الجيش الجنوبي الغير متجانسة ، وفعلا بعد إغتيال ذلك القائد الجنوبي الهمام الذي ينتمي إلى مناطق ردفان ، استطاعت القوات اليمنية المعادية أن تتقدم شيئا فشيئا في المعركة ، نحو آخر معقل للجيش الجنوبي ، مدينة المكلاء الساحلية الواقعة على ضفاف بحر العرب . بدأت قوات الجيش الجنوبي تنسحب تدريجيا نحو الحدود السعودية العمانية ، وخصوصا بعد استشهاد القائد الجنوبي الفذ صالح أبوبكر بن حسينون في مدخل مدينة المكلاء ، حيث تأكدت هزيمة الجنوبيين بعد استشهاد بن حسينون ، فلجا الكثير منهم إلى سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ، إن مآسي الحرب لم تتغير منذ زمن هوميروس ، حيث  تدمر البيوت والمصانع والمنشآت ، ويهاجر الملايين من الناس طوعا وكرها ، وتصبح رائحة الموت والدم في كل مكان ، وتتكرر الآلام ذاتها والخيانات والمؤامرات والخوف في كل زمان ومكان . لم تتوقف الحرب بالرغم من هزيمة الجنوبيين ولجؤوهم إلى الدول المجاورة ، بل اتخذت أشكال وصور شتى ، ومن أبرز هذه الصور مقاومة الجنوبيين للإحتلال اليمني لأرضهم سلما وحربا ، حتى انهار نظام الإحتلال ، ولم يتبقى منه اليوم إلا هيكل كرتوني فرض لضرورة دولية وإقليمية على الجنوبيين ، من قبل الجانب الدولي والإقليمي بسبب تغلغل المشروع الإيراني .