إن التعليم في الجنوب اليوم يشهد وضعا مأساويا لا يليق بمكانة مدينة عدن، تلك المدينة التي كانت في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي نموذجاً مشرفاً للنهضة التعليمية، حيث نجحت في القضاء على الأمية بشهادة منظمات دولية واليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين، نجد أنفسنا أمام واقع مرير يعيدنا إلى ظلمات الجهل وتجهيل ممنهج يهدد مستقبل أجيالنا.
تجهيل ممنهج... بأي ذنب؟
ما يحدث في قطاع التعليم ليس مجرد إهمال عابر، بل هو عملية ممنهجة لها أبعاد سياسية عميقة الغرض منها تدمير الإنسان بعد أن عجزوا عن تدمير الأرض كلياً، كيف يُعقل أن تصبح عدن، رمز العلم والمعرفة، مدينة تضيع فيها مؤسسات التعليم بين الإهمال والفوضى؟ كيف نقبل بأن تتحول الجامعات إلى أطلال مهجورة لا تُلبي حتى أبسط مقومات الحياة الأكاديمية؟
بين أطلال الجامعة الوطنية... أين النور؟
عندما وطأت قدماي اليوم أروقة الجامعة الوطنية في خورمكسر، شعرت وكأنني دخلت إلى سجن مهجور، لا جامعة تُنير العقول وتفتح الآفاق الطلاب يصلون إلى هذه المؤسسة بشق الأنفس، ويواجهون معاناة تفوق الوصف؛ فلا خدمات جامعية، ولا مقاعد لائقة، ولا بيئة تُحفّز على التعلم. أليس هذا عارًا على جامعة عدن العريقة، التي كانت يومًا منارة للعلم يقصدها الطلاب من مختلف الأقطار العربية؟
التمييز في التعليم... أين العدالة؟
من المؤسف أن نجد جامعات في مناطق أخرى تحظى ببيئة تعليمية مختلفة تمامًا، وكأن هناك تمييزاً ممنهجا في التعليم ذاته. كيف يُعقل أن نرى هذه الفجوة الهائلة بين مناطق الجنوب؟ إلى متى سيستمر هذا العبث؟
التعليم أساس نهضة الشعوب
كما قال أحد العظماء "إن أردت تدمير شعب، فعليك بهدم التعليم." نحن اليوم نشهد هذه المقولة تتحقق أمام أعيننا انهيار التعليم هو الخطر الأكبر الذي يهدد الجنوب، أخطر حتى من انقطاع التيار الكهربائي أو انهيار العملة فالجهل يُنتج شعوبًا يسهل ابتلاعها وهضمها بلا مقاومة.
الرسوم والممارسات الإدارية... جريمة تعليمية
إن الرسوم التي تتقاضاها الجامعة تُعد ظلمًا فادحا، فلا خدمات تعليمية تستحقها هذه الأموال أضف إلى ذلك سوء الإدارة وتعنّت المسؤولين، وعلى رأسهم المدير الأكاديمي فرع عدن، الذي لا يتحلى بأي قيم أكاديمية أو سلوكيات تربوية، بل يُظهر تعنتًا واضحاً تجاه أبناء الجنوب والطلاب عموماً كيف يمكن لجامعة أن تنجح إذا كان المسؤولون فيها هم أول من يُعيق تطورها؟
إلى أين المسير؟
أيها السادة الكرام، نحن أمام تحدٍ وجودي يستدعي منا الإصرار على المواجهة. هذا وطننا، ومن دونه نصبح أصفارًا على الشمال إن صمتنا سيجعلهم يعبثون بمستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة.
للحديث بقية..
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد..
✍️ ناصر العبيدي