المجتمع العربي وثقافة القطيع

2025-02-02 22:03

 

عندما نتحدث عن مغالطة الأغلبية في ثقافة القطيع، نرى أن الكثير من الناس يتبعون الرأي الذي تتبناه الأغلبية لمجرد أنه شائع أو متفق عليه من قبل مجموعة كبيرة من الأفراد. هذا الفهم يعتمد على اعتقاد مغلوط مفاده أن الأكثرية، كونها كبيرة في عددها، هي التي تمتلك الحقيقة. ومع ذلك، قد يفتقر هذا الرأي إلى التحليل العقلاني أو الدقة، لأنه ببساطة يعكس الآراء التقليدية أو الممارسات المتوارثة التي قد تكون غير مناسبة للعصر أو حتى خاطئة من الناحية المنطقية.

 

في المقابل، نجد أن الرأي المتفرد، الذي قد ينشأ من فرد أو مجموعة صغيرة، هو الرأي الذي يعتمد على العقل والتفكير النقدي. هذا الرأي قد لا يحظى بشعبية فورية، لكنه يحمل قدرة كبيرة على الابتكار والتطور. الشخص الذي يطرح فكرة جديدة لا يعتمد فقط على تقليد ما فعله الآخرون، بل يستخدم عقله لتقييم الواقع وإيجاد حلول أكثر فعالية. الرأي المبدع ليس مجرد رد فعل اجتماعي، بل هو نتيجة تفكير عميق وتحليل مستمر للأوضاع والمشاكل.

 

الفرق الجوهري بين الرأي الأغلبية و الرأي المتفرد هو أن الأغلبية قد تبقى محصورة في دوامة من الأفكار السطحية والبدائية بسبب اعتمادها على التقاليد أو القبول المجتمعي، في حين أن الرأي المتفرد يذهب إلى أبعد من ذلك ليعتمد على تحليل عقلاني يمكن أن يفتح أفقًا جديدًا. حتى إذا كانت الأقلية هي من يحمل هذا الرأي المختلف، فإن قوة العقل التي يقف وراءه قد تكون قادرة على إحداث تغيير حقيقي يفيد المجتمع.

 

مفهوم ثقافة القطيع يمثل نمطًا من السلوك الجماعي حيث يُستسلم الأفراد للآراء السائدة دون محاولة التساؤل أو التمحيص. أما إذا كانت الأغلبية تتبنى فكرة جديدة أو إبداعية وتعمل على تطويرها وتطبيقها، فحينها يصبح رأي الأغلبية ذو قيمة حقيقية، لأنه مدفوع بالعقل الجماعي وليس بتأثير تقليدي أو اجتماعي سطحي.

 

محمد نوري توفيق الكبيسي