تشهد محافظة حضرموت، التي تعد الأغنى بالموارد النفطية في اليمن، تصاعداً في التوترات السياسية والعسكرية وسط تعقيدات المشهد السياسي المحلي والإقليمي، حيث ظلت المحافظة لفترة طويلة بمنأى عن النزاع الذي يعصف بالبلاد، لكنها اليوم تجد نفسها ساحة جديدة لتنافس متزايد بين قوى داخلية وخارجية.
تقول المديرة التنفيذية لمركز سوث 24 للدراسات، الباحثة فريدة أحمد، إن "مطالب حضرموت برزت في بادئ الأمر بتحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمية وخروج قوات المنطقة العسكرية الأولى، التي يُعرف انتماؤها لحزب الإصلاح، من وادي حضرموت" هذه المطالب، بحسب الباحثة، تقودها مكونات مثل مؤتمر حضرموت الجامع وحلف قبائل حضرموت بقيادة عمرو بن حبريش. تطور المشهد لاحقاً إلى المطالبة بالحكم الذاتي للمحافظة، ما أثار ردود فعل رئاسية تضمنت خطة لمعالجة الوضع أعلنها مجلس القيادة الرئاسي في يناير الماضي.
وتضيف الباحثة في تحليل نشره سوث 24 أمس أن "الخطة الرئاسية شملت استخدام عائدات بيع النفط لبناء محطات كهرباء وتحسين إدارة الموارد المحلية، لكن هذه الخطوات، رغم ترحيبها الأولي، اعتُبرت متأخرة وغير كافية لتلبية الطموحات المتصاعدة".
وبحسب التحليل "تتهم مصادر محلية رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بعرقلة تنفيذ خطة التهدئة. وأكد حلف القبائل أن عدم تشكيل فريق لتنفيذ المعالجات يمثل محاولة للالتفاف على مطالب حضرموت، مما ينذر بموجة جديدة من التصعيد".
تشهد حضرموت تنافساً عسكرياً معقداً بين أربع قوى رئيسية:
المنطقة العسكرية الثانية بقيادة اللواء طالب بارجاش وتسيطر على الساحل والهضبة.
المنطقة العسكرية الأولى بقيادة اللواء صالح الجعيملاني وتسيطر على الوادي والصحراء.
قوات درع الوطن بدعم سعودي، وتشكلت في 2022.
تشكيل حماية حضرموت بقيادة مبارك العوبثاني، التي أعلن عنها بن حبريش أواخر 2024.
ويتخوف مراقبون من أن إنشاء قوات جديدة خارج إطار الدولة قد يشعل صراعاً قبلياً يهدد الاستقرار.
وتبنى بن حبريش خطاباً أكثر حدة مع تشكيل مليشيا "حماية حضرموت"، مستفيداً من نفوذه المزدوج كقائد لحلف القبائل ومؤتمر حضرموت الجامع. وأثارت زيارة مسؤولين مرتبطين بعمان له، تساؤلات حول احتمالات دعم إقليمي لتعزيز نفوذه.
ويتركز الصراع الاقتصادي في حضرموت حول شركة "بترومسيلة"، التي تسهم بإيرادات كبيرة للحكومة وتعاني من اتهامات بالفساد، وتتداخل الأبعاد السياسية والعسكرية في النزاع على السيطرة على موارد النفط، أما إدارياً، فيواجه المحافظ مبخوت بن ماضي تحديات في إدارة التوازنات.
ويهدد التصعيد المتزايد في حضرموت بتقويض تماسك المجتمع المحلي، ما لم تتخذ خطوات عاجلة للتهدئة. يتطلب ذلك فتح قنوات للحوار مع بن حبريش وتقليص العوامل التي تدفعه للبحث عن تحالفات خارجية، إذ إن استمرار عسكرة المحافظة قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على الأمن والاستقرار المحلي والإقليمي.
*- شبوة برس – الأيام