تابعوا ما يحدث بين مصر والتنظيم الدولي للإخوان..حرب نفسية شرسة تجري بين الطرفين، ومضمونها كالتالي:
أولا: يقوم الإخوان بتكثيف الدعاية ضد مصر وجيشها عن طريق التهديد والوعيد بتكرار نموذج سوريا في مصر، ولدى التنظيم وسائل إعلام ضخمة وكبيرة أشهرها الجزيرة يمكنها الوصول لملايين المشاهدين، إضافة لعشرات القنوات الفضائية عالية الوصول، وحسابات ألكترونية مليونية، مما يجعل حملة الإخوان قوية ونافذة..
ثانيا: تقوم مصر بتكثيف الدعاية ضد الإخوان والقاعدة معا، وبفضح النموذج السوري وتعريته والضغط عليه، ولدى مصر وسائل إعلام ضخمة ونافذة ورأي عام في السوشيال ميديا مشارك لهذه الحملة بكثافة، يساعدهم في ذلك كل شعوب كل الدول التي تلقت تهديدات إخوانية مثل العراق ولبنان وتونس والجزائر وبالطبع دول الخليج..
عمليا نظام الحكم في مصر مستقر وقوي، وآخر تهديد تعرض له منذ 8 سنوات تقريبا في ما عرف بمظاهرات تيران وصنافير، والتي يعاد تدويرها الآن من طرف الإخوان بهدف الضغط وتكثيف الدعاية السوداء..والبعض من القراء العرب غير المتابعين للملف المصري خدعوا بمشاهد تلك المظاهرات وظنوا أنها حديثة..
حاليا وبعد انقلاب الوضع السوري، وتهديد الجماعة للجيش المصري لا يمكن الجزم بموقف وقناعات من خرجوا في تلك التظاهرات حاليا..
وهنا نقطة يجب التأكيد عليها:
في مصر وطوال تاريخها القديم والحديث، لم نشهد تغيرا سياسيا وجذريا سوى (بالقوات المسلحة) سواء كانت تلك القوات أجنبية في زمن الاحتلال، أو مصرية منذ زمن الاستقلال عن العثمانيين في عصر محمد علي، وكافة ثورات الشعب المصري منذ العهد الجمهوري (1952 - 2011- 2013) كان للجيش دورا رئيسيا فيها، بل هو الدور الرئيسي والمحوري.
أي أن تهديدات الإخوان بنقل النموذج السوري يلزمهم فيها (كسر الجيش المصري أولا) فهو حائط الصد مقابل أي تحول في السياسة المصرية..ولعلم التنظيم هذه الحقيقة حاولوا كسر الجيش مرات عديدة منها:
1- تأسيس ولاية سيناء رأسا من تنظيم جهادي كان على صلة بالجماعة، ثم أعلن ولاءه لداعش لاحقا.
2- في فترة حكم محمد مرسي، حاولوا إنشاء بديل للجيش المصري بتأسيس كلية عسكرية موازية تخرج ضباطا للجيش، لأنهم ممنوعين وأسرهم وعائلاتهم من الانضمام لكليات الأمن المختلفة، وقد انتشرت الأخبار أثناء عملهم على هذا المشروع على عدم اشتراط الجنسية المصرية، في إشارة لقبولهم بجنسيات أجنبية في الكلية الحربية بهدف تأسيس ما يعرف بالجيش الإسلامي.
وهو نفس النموذج الذي يطبقوه حاليا في سوريا، حيث يجري استبعاد ملايين السوريين ممن يدينون بالمسيحية والعلوية والدرزية مقابل ضم عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب من الإيجور والترك والأسيويين والأفارقة..
3- شن هجوم دعائي وإعلامي كبير ضد الجيش المصري، وتشويه دوره وتسخيف تاريخه، والحط من كل قياداته بشكل عام، وقد استغلوا طوفان الأقصى لتكثيف هذه الحملة بدعوى خزلان فلسطين، برغم أنهم في سوريا يحاصرون المقاومة ومدعومين من إسرائيل، ويتلقون كافة أشكال الدعم من حلف الناتو..
يمكن القول أن الخطة الإخوانية ضد الجيش المصري فشلت في مراحلها الأولى، وانحسر الصراع الآن في الإعلام على شكل حملات موجهة وأخرى مضادة لها..
ويجري الآن الانتقال للمرحلة التالية والتي يتطلب فيها اعتراف مصر بالنظام السوري، وهو نظام إرهابي مصنف في مصر قانونا كجماعة إرهابية، وفي حال حصولهم على هذا الاعتراف يمكنهم اختراق الجبهة المصرية بدعم مزدوج (تركي أمريكي إسرائيلي)..
حتى الآن ترفض مصر الاعتراف بالسلطة الجديدة في سوريا، سواء بعلاقات دبلوماسية أو زيارات، وحرص أمني مصري بمراقبة أي سوري أو قادم من سوريا في الفترة المقبلة، والتي كان منها رفض دخول عدة جنسيات تحمل الباسبور السوري، ووضع المصريين المقاتلين في سوريا على قائمة ترقب الوصول، وقد سعى الإخوان والأتراك للحصول على تجاوز هذه الأزمة، والحصول على هذا الاعتراف بنقل أخبار عن زيارة وزير الخارجية المصرية لدمشق، لكن سرعان ما تم نفي الخبر..
وفي حال أرادت مصر الاعتراف بالسلطة الجديدة في سوريا، سيتعين أولا حصولها على ضمانات بعدم وصول الإخوان والقاعدة لسدة الحكم واستبدالهم بشخصيات مدنية، وإلا ستكون مصر وسوريا أعداء في المستقبل ما دام المتطرفون العقائديون يسيطرون على المشهد.