ولكن من يقرأ.
نُسب إلى وزير الدفاع الإسرائيلي "موشى ديّان" أنه قال: "إن العرب لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون" ...
هذا القول لموشي ديان صحيح 100% ولا شك لي بذلك، ولدي دليلان وليس دليلًا.
الدليل الأول: بالفعل لو كان العرب يقرؤون لما كرروا تاريخهم ملايين وليس مئات المرات، ودائما كما نقول في مثلنا الشعبي يخرجون من الحفرة ويقعون في الدحديرة، وهكذا دواليك؛ لذلك نرى الهزائم والتراجع والتخلف أصبحت سمة من سماتهم، ورغم كل الكوارث التي تحققت لهم لا يزالون بذات العقلية التي سبق وأن وصفتها بتكرار ذات التجربة وبذات المعايير، ويتوقعون أن تنتج لهم واقعًا مختلفًا، وشبهتها فيما إذ دمجت ذرتين هيدروجين وذرة أكسجين من المنطق الطبيعي يتنج لك ماءً وليس كافيه لاتيه، ومع ذلك يصرون على أن ذلك الدمج سينتج لهم كافيه لاتيه.
الدليل الثاني: قمت بتجربة كصحفي ببحث استقصائي عن سوء التعليم، وسجلت بإعادة الثانوية العامة وأنا متخرج من الجامعة من خمسة وأربعين عامًا، وداومت ودخلت امتحان نصف العام واجتزته، ودخلت امتحان آخر العام واجتزته بنسبة 63٪، وأنا كنت على ثقة تامة بأني لن أجتاز على الاقل في مادتين، وهي اللغة الفرنسية التي لا أعرف بها سوى Bonjour وكلمة Bonne soirée وكلمة Merci، والمادة الثانية الإحصاء ودخلت امتحان آخر العام ولم أفتح كتاب واكتشفت كارثة بعد النتيجة ونشرتها وبدلا من مكافأتي هدَّد وزير التربية آنذاك بمقاضاتي، وعرفت بأن حتى معلمونا التربويون لايقرؤون.
فماذا تتوقعون من أمة هجرت القراءة، أمة تشاهد الغرب ينشر ما الذي سيفعله بها، ولا تقرأ ما ينشره مع أن إعلامها وصحفها ينشر ذلك وعليه؛ فلا غرابة من أن تكون الهزائم والفساد والاستبداد صفة ملازمة لهذه الأمة المسكينة التي أغلبها أمي لا يقرأ وإن قرأ لا يفهم وأن فهم لايستوعب.
ما الحل مع هذه الأمة التي إلى اليوم تسبِّح بجلاديها، وتحن لمستبد عادل، هكذا وصل الهوان بها لأن تبتكر مستبدًا عادلًا بتناقض حضاري وثقافي ما بين المستبد والعدالة؟
يقول أبو العلاء المعري:
يا أُمَّةً مِن سَفاهٍ لا حُلومَ لَها ***ما أَنتِ إِلّا كَضَأنٍ غابَ راعيها
تُدعى لِخَيرٍ فَلا تَصغى لَهُ أُذُنًا ***فَما يُنادي لِغَيرِ الشَرِّ داعيها