الحرب الشاملة: دول الخليج العربية والسيناريوهات المحتملة
دول الخليج أعلنت في أكثر من مقام بأنها لا تريد ولن تكون طرفاً في المواجهة بين إيران وإسرائيل
*- شبوة برس -سعد بن طفلة العجمي وزير الإعلام السابق في الكويت
ملخص
لا تهدد إسرائيل غالباً بضرب أعدائها العرب، أو منافسيها الإيرانيين، واعتادت على تنفيذ الضربات والاغتيالات من دون إعلان المسؤولية عنها، لكن إسرائيل هذه المرة تصرح علناً عبر قادتها بأنها ستضرب إيران وبقوة ودقة وبشكل مفاجئ، مما يعني أنها ستخرج من "قواعد الاشتباك" مع إيران، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع حريق هائل في المنطقة بأسرها.
تحركات دبلوماسية، وزيارات رسمية بينية في العواصم الخليجية، وزيارات أجنبية أبرزها زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى الدوحة مطلع هذا الشهر، وزيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الرياض وهكذا. تتمحور هذه الزيارات في نقاشاتها حول كيفية منع اندلاع حرب إقليمية شاملة يرى كثر أن الجميع سيكون خاسراً فيها، ولن ينجو أحد من الاكتواء بنارها. كما يتفق كثير من المراقبين على أنها قادمة لا محالة.
فإسرائيل مستمرة في حربها المدمرة ضد لبنان وحربها بالإبادة في غزة، وحربها المتقطعة في الضفة الغربية. وتتوعد برد قاس على هجمات إيران الصاروخية عليها انتقاماً لمقتل حسن نصرالله في بيروت وإسماعيل هنية بطهران. وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال إن الرد قادم لا محالة وسيكون قاسياً ودقيقاً ومفاجئاً. بنيامين نتنياهو وحكومته يعيشون نشوة انتصار اغتيالات قادة "حماس" وأبرزهم هنية وصالح العاروري وقيادة "حزب الله" وأبرزهم أمينه العام حسن نصرالله وخليفته هاشم صفي الدين، كما تشير التقارير، إضافة إلى قادة كبار أبرزهم فؤاد شكر وإبراهيم عقيل وآلاف من قيادات الصف الأول والثاني عبر أجهزة "البيجر" واللاسلكي.
لا تهدد إسرائيل غالباً بضرب أعدائها العرب، أو منافسيها الإيرانيين، واعتادت على تنفيذ الضربات والاغتيالات من دون إعلان المسؤولية عنها، لكن إسرائيل هذه المرة تصرح علناً عبر قادتها بأنها ستضرب إيران وبقوة ودقة وبشكل مفاجئ، مما يعني أنها ستخرج من "قواعد الاشتباك" مع إيران، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع حريق هائل في المنطقة بأسرها.
المتفائلون يتمنون أن تضرب إسرائيل قواعد عسكرية ومراكز تصنيع صواريخ إيرانية كرد على تلقيها الصواريخ الإيرانية قبل أيام، وهو ما يعني هدوءاً موقتاً سيسبق عاصفة أكبر. لكن بعض التوقعات تقول إن إسرائيل ستضرب المنشآت النفطية الإيرانية مثل مصفاة عبدان وطهران وأصفهان، أو حقول إنتاج النفط والغاز كمجمع كارون ومجمع فارس الجنوبي. وهذا سيؤدي إلى ارتفاع طفيف في أسعار النفط عالمياً لأن النفط الإيراني بالسوق العالمية لا يتجاوز مليوناً ونصف المليون برميل يومياً، لكن هذه الأسعار ستشتعل إذا استهدفت إيران حقول ومنشآت النفط الخليجية انتقاماً من الضربة الإسرائيلية ومحاولة لخلط الأوراق واتساع رقعة الصراع.
والسيناريو المرعب للضربة الإسرائيلية هو ضرب المنشآت والمفاعلات النووية الإيرانية في نطنز وفوردو وبوشهر الذي لا يبعد عن الساحل الغربي للخليج العربي سوى 150 كيلومتراً، وهنا لا أحد يعرف حجم الكوارث الإنسانية أو الأضرار البيئية التي ستنتج عن هذا الاستهداف، فالتسربات الإشعاعية إذا تعرضت هذه المفاعلات للضرب، ستطاول 100 مليون شخص، وسيكونون في الدائرة الحمراء.
مآلات التصعيد الجديد بين إيران وإسرائيل وأثره في الخليج
دول الخليج العربية أعلنت في أكثر من مقام بأنها لا تريد ولن تكون طرفاً في المواجهة بين إيران وإسرائيل، وبأنها لن تسمح باستخدام القواعد الأميركية على أراضيها للهجوم على إيران. ولكن ماذا يمكن أن تفعل دول الخليج كي لا تكون طرفاً في الحرب الشاملة لو اشتعلت بالمنطقة برمتها؟
- رص الصف الخليجي وتفعيل التنسيق العسكري وغرف القيادات العسكرية المشتركة بين دول الخليج العربية.
- تعزيز الجبهات الداخلية وتوحيد الخطاب الإعلامي الوطني الخليجي الذي لا يفرق بين مواطنيه مهما اختلفت طوائفهم وأديانهم.
- منع انطلاق أي طائرات من القواعد الأميركية الموجودة في بعض دول الخليج للهجوم على إيران، لأن إيران حينها ستبحث عن مبرر لخلط الأوراق وإحراق المنطقة برمتها إذا تعرضت لعدوان خارج "إطار قواعد الاشتباك" مع إسرائيل.
- الاستمرار، بمساعدة مصر والأردن، في الجهود الدولية والضغوط الدبلوماسية على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان الكسيح ووقف إبادتها لأهل غزة المنكوبة.
- مساعدة لبنان على استعادة سيادته المختطفة من قبل "حزب الله" على مدى الـ20 سنة الماضية لصالح إيران، ومعاونة الدولة اللبنانية والجيش اللبناني على سد فراغ السلطة الذي خلفه ضعف قبضة "حزب الله" على البلاد.
- مساندة الجهود الفلسطينية المشتركة بين فصائل الفلسطينيين الذين يجتمعون في القاهرة لخلق قيادة جماعية مشتركة في قطاع غزة بعد أن تتوقف حرب الإبادة.
تعيش منطقتنا حالاً من الدمار في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن، ولكن هناك من يخطط لجعل هذا الدمار شاملاً وليس جزئياً، وعلى دول الخليج العربية، وبالتنسيق مع الأردن ومصر، التعاون لمنع الحرب الشاملة التي ستعني حتماً الدمار الشامل.