قرارات قاتلة ومصالح حزبية.. متى ينهض الجنوب بعيدًا عن المزايدات؟

2024-10-06 07:02
قرارات قاتلة ومصالح حزبية.. متى ينهض الجنوب بعيدًا عن المزايدات؟
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

في مقاله الأخير، أثار د. ياسر اليافعي قضية شائكة لطالما شغلت الساحة السياسية في الجنوب، المقال الذي حمل عنوان "الجنوب بحاجة للابتعاد عن مزايدات الإسلاميين والاشتراكي"، استعرض عبره اليافعي كيف أن الجنوب كان ضحية لقرارات سياسية قاتلة ولقوى سياسية لم تأخذ مصالحه بعين الاعتبار، مطالبًا بضرورة تمكين الشباب والقوى المدنية للتعبير عن تطلعات شعب الجنوب بعيدًا عن التجاذبات الحزبية.

 

الوحدة اليمنية: بداية المعاناة

تطرق د. ياسر اليافعي إلى المحطة الأولى التي شكّلت نواة المأساة الجنوبية وهي الوحدة اليمنية، ووصف الوحدة بأنها "غير مدروسة"، حيث دفع نحوها الاشتراكيون، وكانت نتيجتها كارثية على الجنوب، حيث أدت إلى تهميشه وإضعافه لصالح القوى الشمالية. فقد كان الجنوب ضحية قرار سياسي اتُخذ دون النظر إلى ما سيترتب عليه من تبعات طويلة الأمد، والتي ما زال الجنوبيون يعانون منها حتى اليوم.

 

دور الإخوان: تعميق الجراح الجنوبية

في مرحلة ما بعد حرب 1994، ألقى اليافعي الضوء على الدور الذي لعبه الإخوان بفروعهم المتعددة في تعزيز معاناة الجنوبيين، فمن وجهة نظره، لم يكن الإخوان سوى "أدوات بيد القوى الشمالية" تُستخدم عند الحاجة لتحقيق مصالحها، سواء عبر السيطرة السياسية أو العسكرية على الجنوب، ورأى أن استمرار الإخوان في هذا النهج يهدف إلى تحقيق مكاسب شخصية وحزبية على حساب تطلعات الشعب الجنوبي وحقوقه.

 

المزايدات السياسية: لعبة منتهية الصلاحية

يرى د. ياسر أن تحميل الإخوان، أو أدواتهم في الجنوب، الاشتراكي وحده المسؤولية عن الأزمات التي يعاني منها الجنوب ليس إلا "مكايدة سياسية غبية"، فالإخوان، وفق تعبيره، استغلوا الفراغ الذي خلّفته حرب 1994 ليكونوا "أدوات وفية لقوى الشمال"** ويساهموا في تدمير ما تبقى من الجنوب. ويتضح أن هذه المزايدات السياسية بين التيارات المختلفة في الجنوب، سواء الإسلاميين أو الاشتراكيين، أصبحت لعبة قديمة "منتهية الصلاحية"، لا تخدم إلا المصالح الفئوية والحزبية الضيقة.

 

ديمقراطية زائفة: أداة لاستثارة العواطف

تحدث المقال عن كيفية استغلال الإسلاميين لمفهوم الديمقراطية، معتبرين إياه مجرد وسيلة للوصول إلى السلطة دون أن يكون هناك التزام حقيقي بمبادئها، ووصف د. ياسر هذه الديمقراطية بأنها "وسيلة لاستثارة العواطف" ليس إلا، حيث يتم استخدامها عند الحاجة فقط لتحقيق أهداف سياسية، بعيدًا عن تطلعات الجنوب ومعاناته، وهو ما أفضى إلى تعميق الخلافات السياسية والمجتمعية بين مختلف القوى الجنوبية.

 

الأصوات الشابة والمدنية: أمل الجنوب الجديد

يلخّص د. ياسر رؤيته للمستقبل بضرورة تمكين "الأصوات الشابة والمدنية"، التي تعبر عن آمال وتطلعات الشعب الجنوبي بعيدًا عن الانتماءات الحزبية الضيقة والمزايدات السياسية، فالجنوب اليوم، وفقًا له، بحاجة إلى قوى جديدة تمتلك رؤية واضحة لمستقبله، بعيدة عن المصالح الحزبية الضيقة التي لم تجلب للجنوب سوى المزيد من الانقسامات والضعف.

 

هل حان وقت الابتعاد عن المزايدات؟

المقال انتهى برسالة واضحة بأن الجنوب بحاجة إلى تغيير حقيقي في الساحة السياسية، وأنه لم يعد من المقبول أن تستمر القوى الإسلامية أو الاشتراكية في تحديد مصير الجنوب دون النظر إلى مصلحة الشعب وتطلعاته، ويشدد على أن المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة جديدة تقودها القوى المدنية والشبابية التي تمثل رغبة الشعب الجنوبي في تحقيق استقلاله والعيش بكرامة.

 

كما ختم اليافعي بمثل يافعي شهير يعكس خيبة الأمل في تلك القوى التي كانت تدّعي خدمة الجنوب لكنها في النهاية "لا كراث يضحك على بصال"، في إشارة إلى أن هذه الأحزاب، سواء كانت إسلامية أو اشتراكية، لا تختلف عن بعضها عندما يتعلق الأمر بالمصالح الشخصية.

 

ويدعو د. ياسر اليافعي بوضوح إلى تركيز الجنوبيين على بناء مستقبلهم بعيدًا عن التجاذبات الحزبية التي أدت إلى إضعاف الجنوب لعقود، وفي الوقت نفسه، يدعو إلى تمكين قوى جديدة تمثل طموحات الشعب الجنوبي الحقيقية بعيدًا عن مزايدات الإسلاميين والاشتراكيين التي لم تقدم سوى الانقسامات والفشل.

 

وبكل تاكيد الجنوب بحاجة إلى أصوات شابة ومدنية قادرة على تحقيق تطلعاته العادلة بعيدًا عن الصراعات القديمة التي أضرت بالمنطقة وشعبها.