من المهم قبل مشاهدة خطاب الرئيس عيدروس الزبيدي أمام مجلس الأمن، أن نتذكر كيف كانت الأمور قبل بضع سنوات فقط.
كان هناك من يدعي أن المجلس الانتقالي الجنوبي قد ولد ميتًا، بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك بقيادة جيوش لمحاولة إنهاء الصوت الجنوبي والقضاء على القوات الجنوبية. لقد اشترطوا خروج الانتقالي من عدن ونزع سلاحه ودمج قواته ضمن قوات حزب الاصلاح.
اليوم، هؤلاء الذين يقللون من أهمية هذه التحركات في هذا التوقيت هم نفس الأشخاص الذين كانوا يقفون ضد الانتقالي والقيادات الجنوبية حتى قبل أن يتأسس المجلس الانتقالي الجنوبي. بالإضافة إلى ذلك، هناك من يتأثرون بالعاطفة أو بالإحباط، ويريدون دولة الجنوب اليوم قبل الغد، غير مدركين للخطوات السياسية الضرورية للوصول إلى هذا الهدف.
ظهور قضية شعب الجنوب أمام مجلس الأمن وتناولها من قبل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي هو إنجاز كبير للقضية الجنوبية. حتى وإن كان تحت علم اليمن وضمن وفدها، فإن هذا يعتبر خطوة متقدمة نحو تثبيت القضية الجنوبية على الساحة الدولية.
وان هذه الخطوة لم تأتِ إلا بعد تضحيات جسيمة قدّمها شعبنا على مدار أكثر من ثلاثين عامًا. عانى خلالها من الحروب، النزوح، التشرد، وزُرع الإرهاب في مديرياته ومحافظاته، إضافة إلى قمع وإسكات كل صوت معارض. هذه التضحيات هي التي مهّدت الطريق للوصول إلى هذه اللحظة التاريخية، حيث يتم الآن إيصال صوت الجنوب وقضيته العادلة إلى المحافل الدولية.
للأسف، هناك من يحاول التقليل من هذا الإنجاز بالتركيز على التفاصيل الصغيرة مثل وجود علم اليمن بجانب الزبيدي او انه كان ضمن وفد رئيس مجلس القيادة العليمي، لكن علينا أن نتذكر أن المجلس الانتقالي الجنوبي جزء من الشرعية وفقًا لاتفاق أشرفت عليه دول مجلس التعاون الخليجي، وهو أمر معروف ولا ينكره الانتقالي. وجوده ضمن الشرعية هو لتعزيز شرعية قضية الجنوب في مؤسسات الدولة وفعالياتها الداخلية والخارجية.
علينا ألا ندع الأصوات المثبطة تعرقل التقدم، لأن أي إنجاز جنوبي يُقابل بمحاولة للتقليل من شأنه، في حين أن أي خطأ حتى ولو كان بسيطًا يتم تضخيمه لتشويه صورة العمل السياسي الجنوبي والقوات الجنوبية التي قدمت وتقدم تضحيات كبرى.
اليوم الجنوب يواجه استحقاقات سياسية كبيرة ومتعددة، في ظل صراع إقليمي ودولي يزيد من تعقيد المشهد الداخلي، وبالتزامن تسعى قوى سياسية يمنية متعددة للنيل من جميع المكتسبات التي تحققت. لذلك، لا تكونوا عونًا لهؤلاء في تدمير هذه المنجزات والمكاسب، فالبديل مظلم ونحن جميعًا ندرك ذلك جيدًا.
#ياسر_اليافعي