عدن للعدنيين وعنصرية نكران الأصول

2024-03-10 21:21
 عدن للعدنيين وعنصرية نكران الأصول
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس – وضاح الهنبلي

في كل حواضر العالم التي تتجمع فيها البشر من اعراق ومناطق مختلفة ، يكون الحديث عن الأصول والهجرات امر طبيعي جداً ، ولا علاقة لذلك بالعنصرية .

ففي أمريكا عندما يتحدث المواطن الأمريكي عن اصوله الأفريقية او العربية أو الاوربية او الصينية امر طبيعي جداً ، وفي الرياض يتحدث كل شخص عن اصوله ومن اي منطقة جنوبية او شمالية او غربية ، رغم تجاوز بعض الاسر المئة عام في الرياض ولا نسمع الرياض للرياضيين ، كذلك الأمر في كل المدن والحواضر التي يتجمع داخلها الناس من عدة مناطق وبلدان ، وعدن هي اكثر مثال لمجتمع كوسموبوليتاني فريد من نوعه ، رغم مساعي الايدلوجية اليمنية تشوية ذلك .

 

لكن أصبح الأمر في عدن مختلفاً تماماً و سياسياً صِرف، تستخدمه اليمن بكل قواها السياسية والقبلية والدينية والمناطقية منذ عقود طويلة من الزمان .

 

عدن مدينة متعددة الأعراق والانتماءات والمناطق ، والجميع يتحدث عن خلفيته التي أتى منها بكل رحابة صدر بل بفخر كبير واعتزاز ، ويعتبر ان خلفيته اضافةً ثقافية وفكرية لعدن ، وذلك لما تمتاز به عدن من تعّدد ، فتجد باهارون الذي يملك تاريخ ضارب بالقدم ، يتحدث على انه عدني ذو أصول حضرمية ، ايضاً العدني الهندي لديهم جمعية تضمهم وهي الجمعية الهندية العدنية ، والتي تهتم بثقافتهم الهندية التي اضافة لعدن الكثير ، كذلك اليافعي واللحجي والعقربي والأبيني والمصعبي التي تمتلئ مقبرة شعب العيدروس بأسمائهم عندما قاتلوا الاحتلال القاسمي الزيدي ، كل هؤلاء يحتفظون بأصولهم ويتحدث باعتزاز عن عدنيتهم وأصولهم ، وعلى هذا الحال سوف تسمع حديث العدني الصومالي و الشبواني و الضالعي و المهري ، وغيرها الكثير من تفاصيل المرجعية التي يتحدثون عنها عدانية مناطق الجنوب .

 

إذاً اين المشكلة مع كل هذا التعايش والتداخل الثقافي الجميل الذي جعل عدن سيدة مدن جزيرة العرب ؟

لا توجد هناك مشكلة اطلاقاً فعدن لن تشاهد فيها غير الجمال المتنوع الذي يندر ان ترَ مثيلاً له في الكون .

إلا مشكلة واحدة وكبيرة كنا وما زلنا نعاني منها ، وتتعاظم كل ما تحرر الجنوب من الاحتلال اليمني وخطى خطوات عملية لأستعادة دولته ، هذه المشكلة مرتبطة بالأيدولوجية اليمنية التوسعية العفنة ، والتي تسعى منذ أربعينات القرن الماضي إلى إيجاد وعي مجتمعي مصطنع مجافي للحقائق والواقع ، يهدم الوطنية الجنوبية لشعب وجغرافيا الجنوب ، وربط عدن ومناطق الجنوب بهويتهم الوطنية التي صنعها الامام يحى حميد الدين .

 

علاقة عدن باليمن الشقيق مرتبطة بثلاث فئات :

1 - مواطنون جنوبيون عدانية تعود أصولهم القديمة إلى بعض مناطق اليمن كتعز وأب وتهامة والبيضاء .

2 - يمنيون دخلوا عدن بطريق غير شرعية بين عام ١٩٦٧ و ١٩٩٠ م .

3 - مقيمون يمنيون دخلوا عدن بحثاً عن لقمة العيش في سنوات الوحدة الأخيرة .

كل هذه الفئات الثلاث يتنكرون لأصولهم وبشكل كلي ومطلق ، وفي ذات الوقت هم انفسهم من يقوم بمخاطبة عدانية الجنوب بمناطقهم وأصولهم ، حتى يزرعون وعي مجتمعي بأنهم هم فقط المقصودين بعدن للعدانية، ومجرد سؤالك او حديثك معهم عن الأصول يتهمونك بكراهية عدن والحقد على العدنيين ،  واتهامك بالعنصرية ونعتك بأصولك ومنطقتك رغم انك جنوبي عدني المولد والأب والجد ، حتى لا تسألهم عن أصولهم مرةً أخرى ، وحتى يتسنى لهم فرض عدنيتهم المطلقة لعدن ونفيها عن باقي الجنوب ، ويبقى الوعي السائد أنهم هم وحدهم العدانية ، والمشروع الجامع لهذه الفئات الثلاث هي يمننة الجنوب والوحدة مع يمنهم ، بأستثناء أكثر من 50% من الفئة الأولى المتمسكين بهويتهم الجنوبية والرافضين للوحدة .

 

هناك عدة أجندات تعمل عليها قوى الأحتلال اليمني من خلال استخدامها لهذه الثلاث الفئات .

أهم تلك الأجندات يمننة الجنوب وإعادة الوحدة ، وبث السموم والشحناء والفرقا وزرع الفتنة والمناطقية بين الجنوبيين ، ومهاجمة القيادات الجنوبية السياسية والعسكرية ، من خلال التخوين وتعميم تهم الفساد على جهات سياسية وعسكرية وطنية ، إسقاط الرمزية للشخصيات الجنوبية النضالية والوطنية .

ومن تلك الاجندنات التي تستخدمها قوى الاحتلال اليمني لتثبيت أيدلوجيتهم اليمنية الخبيثة ، ربط تعز بعدن تعسفاً بدلاً من جغرافيتها الجنوبية المحيطة بها ، ومن ذلك تسمية اكبر شوارع عدن بعد حرب صيف ١٩٩٤ بـ " خط عدن تعز " وهو الخط الذي يخرج من دوار السفينة شمالاً باتجاه لحج ، رغم بعد تعز عن عدن بأكثر من 200 كلم ، بينما لحج وعدن قد أصبحتا مدينة واحدة يربطهما هذا الشارع ، ولله الحمد في عهد مجلسنا الانتقالي ، ومدير مديرية الشيخ عثمان وسام معاوية ، تم تغيير اسم الشارع إلى " خط عدن لحج " .