نشعر بالخجل أمام شباب وأطفال غزة حيث لا مهنة لهم ولا شغل، غير البحث تحت أطنان من الركام عن نفس أو آهٍ تشهق بالحياة، ونشعر بالخجل أمام مقاومين حفاة، يدكّون “الجيش الذي لا يُقهر” بأسلحته التي “لا تقاوَم”، والمدعّم بالقوة الأولى في العالم، وبصمت العالم بأسره.
بل نشعر بالخجل حتى أمام حجارة وتراب غزة، الذي تلقى من النار والحديد، حتى لان وتفجّرت منه المشاعر.
أخجلنا السنوار وأخجلتنا غزة، وحدكم تحاربون العالم في حرب كونية لا حليف فيها لغزة، سوى غزة، ولإبليس حلفاء من الشياطين والبشر!!
دنيا يا جميلتي، يا صاحبة الوجه الملائكي، يا سيدة الأطفال، لقد واصلت 72 يوما وتعرضت لأبشع أنواع العذاب الجسدي والنفسي، والأكثر قهرا هو عذاب الفقدان لأسرتك، وانعدام القدرة على المشي، لأنك أيضا فقدت نصف جسدك.. كم هو وجعنا يا دنيا، وكم هي كبيرة وواسعة رحمة رب العالمين.. لحاقك بأسرتك، فلا حياة دونهم، صمدت أسابيع وحان أجلك يا سيدة الأطفال.. لست وحدك يا دنيا، فالله معك ورب الكون أعلم بحالك يا «بنتي»، لست وحدك، بل كل أهل غزة معك في جنات النعيم، ستعيدون ذكرياتكم وفرحكم، وتقطفون من ثمار الجنة، وستروون قصص الوجع معا..
مقاتل يخرج من حفرة خلف خطوط العدو بسلاح محلي لا تتجاوز تكلفته أقل من خمسمائة دولار ليدمر كلياً أو جزئياً دبابة تكلفتها سبعة ملايين دولار. أو يتسلل مقاوم حافي القدمين مرتدياً بنطلون رياضة الى دبابة أو جرافة أو آلة عسكرية ليلصق بها شحنة ناسفة أو حتى يشعلها ب «ولاعة» ثمنها عشرة قروش !
بعد مرور ثلاثة وسبعين يوماً على العدوان الاسرائيلي لم تزل المقاومة تربك جيش الاحتلال وتوقع قتلى وجرحى بين ضباطه و جنوده يومياً باعتراف الناطق باسم جيشه . « لا نعرف من أين يخرجون لنا ، اننا نقاتل « أشباح « ، كما قال أحد جنوده . او كما قال وزير الحرب غالانت « اننا نخوض حرباً صعبة ومعقدة ومكلفة وسنواصل الحرب حتى تحقيق أهدافنا والنصر».
لكن الواقع الميداني يقول عكس ذلك . و «النصر» بعيد المنال ، بل مستحيل . فالجيش مرتبك وجنوده خائفون فاشلون .بل من فشل الى فشل.
مجموعة نصبت لها المقاومة كميناً في فتحة نفق فقتلوا . هبت مجموعة لإنفاذهم فقتلوا أيضاً «الأشباح» قتلوهم !!
د. علوي عمر بن فريد