مع تكاثر نشوء وإعلان المزيد من المكونات والمسميات السياسية والمناطقية والجهوية الجنوبية، يزداد المشهد السياسي الجنوبي تشوشاً واضطراباً، لكن فحص الأمر في مختبر الفرضيات والمعطيات والحقائق سيمكن المتتبع من استجلاء ما وراء هذا المشهد المشوش.
أبرز المواقف تجاه ظاهرة تكاثر المكونات والمجالس الجنوبية تتمحور في اتجاهين قصويين:
الأول القائم على التأييد المطلق، لهذا المهيآت والمجالس حديثة التكوين، ومن عجائب هذا التأييد الصادر من بعض أبناء ووجهاء تلك المناطق التي تتحدث باسمها تلك المكونات والتشكيلات أنه يأتي متزامناً مع حملة تأييد إعلامية من قبل قادة سياسيين وناشطين إعلاميين وبرلمانيين شماليين ممن يجاهرون بعدائهم المطلق للقضية الجنوبية ومطالب الشعب الجنوبي باستعادة دولته، وهذا المؤشر يضر بتلك المكونات من حيث يعتقد المؤيدون انهم يفيدونها.
والموقف الثاني الأبرز يتمثل في اتهام تلك الأشكال والمكونات بإنها صناعة أجنبية وأنها تستهدف وأد القضية الجنوبية والتآمر عليها.
شخصياً لست من الميَّالين إلى رمي الاتهامات والشتائم جزافاً، وكما قلت في منشور سابق إن هناك معايير أساسية لمدى جدية أي مكون من المكونات أو مجلس من المجالس في الانحيازإلى شعب الجنوب وقضيته العادلة وأهم هذه المعايير يكمن في الرد على الأسئلة التالية:
وفي ضوء الموقف من هذه القضايا فإنه يمكن الحكم ليس فقط على تبنيه لقضايا الجنوب والجنوبيين بل وأهليته للبقاء على قيد الحياة وقدرته على مواكبة التطورات المرتقبة فيما يخص المستقبل الجنوبي من عدمها.
وبالعودة إلى تهمة التبني من الخارج وما يسميه البعض بتصنيع هذه المكون أو ذاك معمليا فإن معظم الاتهامات تتجه نحو الشقيقتين الخليجيتين السعودية والإمارات.
وفي حقيقة الأمر فإن تهمة التبعية للخارج قد وجهت للمجلس الانتقالي الجنوبي منذ الأيام الأولى لإشهاره وما يزال سياسيون وإعلاميون أشقاء يكررون هذه التهمة تجاه المجلس باعتباره صنيعة دولة الإمارات العربية المتحة، رغم النجاحات التي حققها والطريق الوعر الذي سار عليه منذ يوم إشهاره، ورغم النجاح الإقليمي والدولي الذي حققه الذي بلغ حد اعتراف الخصوم قبل الأصدقاء بأهمية حضوره في الحياة السياسية واعتباره القوة السياسية الجنوبية الأبرز للتعبير عن إرادة الشعب الجنوبي دون إلغاء أو تهميش سواه من الجنوبيين.
لكن الجديد هذه المرة هو اتهام الأشقاء في المملكة العربية السعودية بأنهم من يقف وراء تشكيل تلك المكونات المناطقية والجهوية، وأكثر من يروج هذه الاتهامات هو الأعلام الإخواني المنطلق من مدينة إسطنبول التركية والذي يتحصل القائمون عليه على نصيب الأسد من التمويل السعودي، وتلك مفارقة أخرى تستحق وقفة مستقلة.
ولأنه لا يحق لأحد التحدث باسم السعودية أو نيابة عنها، إذ لديها كتابها ومثقفوها ومراكزها البحثية والإعلامية ومتحدثوها الرسميون، فإن ما يمكن التوقف عنده هنا هو ما كنت قد سجلته من الملاحظات بمناسبات سابقة وأهمها:
والله من وراء القصد.
*- د عيدروس نصر ناصر النقيب ـ سياسي وبرلماني جنوبي