تاريخ الجنوب وإن تطفل عليه بعض الأشقاء؛ وتدخلوا في شؤون أهله؛ سيبقى ذلك الوعاء النقي الحافظ لسفر الجنوبيين عبر حقبه ومحطاته الممتدة؛ والشاهدة على فرادة حضورهم التاريخي؛ وقدرتهم في مواجهة التدخلات وصنع ملاحم متجددة دفاعاً عن التاريخ الذي منحهم بصمته الخالدة؛ وعلى من يحاولون اليوم اللعب على الهويات المحلية؛ ومربعات الجغرافيا الجنوبية؛ أن يراجعوا حساباتهم جيداً؛ وأن يتعظوا ممن سبقهم ومن دروس التاريخ الغنية.
إن البحث عن تحقيق المصالح الخاصة بكل دولة ولكل شعب حق مشروع للجميع؛ ولكنها تصبح غير مشروعة عندما تكون قائمة على الأطماع والرغبة في التوسع؛ وبسط النفوذ والهيمنة على مقدرات وحقوق شعب آخر؛ وإستغلال بعض الظروف العابرة والمؤقتة؛ وهذا ما نعيشه ونمر به اليوم في الجنوب ولأسباب يعرفها الجميع؛ والتي ينظر لها بعض الأشقاء بأنها مناسبة لهم؛ لتحقيق مثل هذه الغايات والأهداف التي ربما قد كانت في أجندتهم منذ فترة طويلة.
وبكل تأكيد فإن إعتقادهم هذا خاطئ وفي غير محله زماناً ومكاناً؛ وهو قائم على الجهل بالتاريخ وسوء تقدير لردات الفعل والمقاومة الوطنية المشروعة التي ستنهض ومن حيث لا يتوقع (الأشقاء)؛ وسيكتشفون بأن المال لا يصنع تاريخاً؛ وبأن الإعلام قد يشوه الحقائق لبعض الوقت ولكنه لا يصنعها؛ وليس بمقدوره أن يغير في خارطة الوطن الجنوبي؛ لأنه ملك لأهله وحدهم وهم سادته ودونه الموت؛ فهو عنوان حياتهم وأساس كرامتهم ومصدر حريتهم والضامن لمستقبلهم؛ فهم أصلاً الوطن والوطن هو ذاتهم التي لن تقبل أن تكون سلعة تباع في سوق الخيانة كما يتوهم عبدة المال وسماسرة المتاجرة بالتاريخ والأوطان من بعض أبناء جلدتنا مع الأسف الشديد؛ وأمثال هؤلاء هم عادة قلة ممن يخرجون عن القواعد الوطنية في تاريخ الكثير من الشعوب الحية والأصيلة؛ ومنها شعبنا الجنوبي العظيم؛ وسيندم بعضهم ذات يوم على إساءتهم لأهلهم ووطنهم وتاريخه العريق والمجيد؛ ويحدونا الأمل أيضاً بأن البعض الآخر ممن أختلطت عليهم الأمور؛ سيراجعون أنفسهم ولن يكونوا إلا حيث ينبغي أن تكون مواقفهم الوطنية المشرفة.
*- صالح شائف