هل يعقل أن يطلق على الفاسدين "رجال المرحلة "؟؟
أم أن العكس هو الصحيح؟!! الحقيقة أنه ينطبق على الحالتين !!
في حين أننا لا نقر بالمساواة بين الحالتين .
الحكاية البريطانية تقول : أن فارساً عراقيا يدعى ((حمدان )) كان قد قتل من جيش الاحتلال الانجليزي للعراق الكثير واستولى على مخازن للأسلحة وذخائر وكان يهاجم قطارات التموين الإنجليزية
كان مع حمدان عشرة فرسان من اتباعه غلاظ شداد شجعان وقد عجز الانجليز عن قتلهم أو القبض عليهم رغم كثرة المكائد التي دبروها لهم !!
ارسل الانجليز عملاءهم للاتصال به لمرات عديدة لكنهم فشلوا وأخيرا أرسلوا رسالة الى ملكة بريطانيا آنذاك يشرحون بها واقع حمدان واتباعه وصعوبة مواجهته فيما أوقع بهم خسائر كبيرة
عادت الرسائل من الملكة أن يتم الاتصال بحمدان واعطائه هدايا من الملكة تتضمن الكثير من الأموال والالبسة والذهب والفضة مع فرس فازت بآخر سباق في بريطانيا وأن يركب حمدان جواده وينطلق وحيث يتعب الجواد ويتوقف تصبح جميع هذه الأراضي ملكا له وتحت إمرته هي ومن عليها من البشر !!
بعد اتصالات وافق حمدان أن يلتقي وفد الملكة بعد أن أحكم حماية المكان ونشر اتباعه ونصب خيمة كبيرة وسط إحدى المزارع في منطقة المهناويه بالديوانيه .
حضر الوفد البريطاني ومعهم الهدايا مع شخصيات عراقية أيضا وطرح الوفد فكرة الملكة ففاجأ الجميع حمدان وركب جواده ومعه رئيس الوفد (الانجليزي ) الذي يحسن العربية فانطلقا معا وسط المزارع وفي لحظة توقف حمدان وترجل من جواده ثم دنا من اذن الجواد وراح يهمس بها ثم يضع اذنه قرب فم الجواد ويهز رأسه كمن يسمع حديثا فسأله رئيس الوفد : هل جيادكم تتكلم ؟ فرد حمدان نعم تتكلم !! وماذا قلت لها وماذا قالت لك ؟ فقال حمدان : لقد طرحتُ على جوادي فكرة الملكة فأجابني : يا حمدان إن الأرض أرضكم فكيف تسمح للأجنبي أن يمنحها لكم!!! ؟
فانزعج رئيس الوفد وعاد سريعا مع هداياه وكتب إلى الملكة: يا جلالة الملكة لقد أهاننا حمدان حيث يقول إن حيواناتنا لا تتقبل فكرة الملكة فكيف نحن البشر نتقبلها ؟
فأمرت بالإمساك به واعدامه لكنهم عجزوا وعاش حمدان إلى بداية سبعينات القرن الماضي .
فيما لم يذكره أحد في كتب التاريخ العراقية او العربية لكنه مذكور بالوثائق البريطانية!!!
المغزى من هذه الحكاية هو:
ان بعض الأبطال او الشرفاء لا يوثق تأريخهم أحد!!
بينما بعض الفاسدين يقال عنهم انهم (رجال المرحلة) ومن أولى علامات الفساد أن تُوسَّد الأمور لغير أصحابها، فيوضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب، وقد سُئل النبي (صلى الله عليه وسلم)، عن الساعة، فقال: «إذا وُسِّدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة»، عندها، سيكونوا هم مَن وُسِّد إليهم الأمر، وهم على هذه الحال من الجهل والجفاء، جباية المال واكتنازه .
فإذا ما وضع الأخيار، ورفع الأشرار، واتخذوا على الناس رؤوسا جهالا، ووسّدت الأمور إليهم ساد الفساد وتفاقم، وانتشرت الرشوة واستفحلت، وانعكست سائر الأحوال، وصُدِّق الكذّاب، وكُذِّب الصادق، وأؤتمن الخائن، وخُوّن الأمين، وتكلّم الجاهل، وأفتى بغير علم، فضلَّ وأضلَّ، بعد أن أصبح العلم جهلاً والجهل علماً.
روى جورج برنارد شو الكاتب الايرلندي الساخر في مذكراته، عن امرأة جلست بجانبه في احدى الحفلات، والحوار الشهير الذي دار بينهما لغاية قوله : نعرف من تكونین.!!
برنارد شو شبّه في روايته بعض السياسيين وحتى الإعلاميين بهذه المرأة، ، فهناك من يغيّر مواقفه السياسية الانتهازية مئة وثمانين درجة متى ما تغيّرت بورصة الأسعار بناءً على من يدفع أكثر، فإذا انخفضت أجورهم انقلبوا بين ليلة وضحاها إلى المعارضة، وبدأوا يتحدثون عن النزاهة والوطنية، وهم مِن أفسد الناس أخلاقاً، وأبعدهم عن الأمانة والشرف ، وخلاصة القول نقول :
لو أ كرمنا الله بخمسين رجلا مثل حمدان العراقي لطهرنا منظومة الفساد التي تحكم اليمن كله !!
د . علوي عمر بن فريد