في الأغلب الأعم نعم المنتصرون وحدهم يكتبون التاريخ ، ولكن السؤال الأهم هل هم صادقون فيما يكتبون ، أم وفق أهوائهم ومصالحهم ؟ !!
الحقيقة أنهم يكتبونه بطريقة قد يصعب التعرف على ما تم تأليفه بطريقة المثل القائل "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس"
وقد يقول قائل :
إن التاريخ يكتبه المنتصرون. والصحيح ان المهزومين يكتبون أيضًا التاريخ نفسه كل منهما يكتب روايته عن الصراع والأحداث. الروس كتبوا روايتهم عن الهزيمة والانتصار، مرة مع نابليون وأخرى مع هتلر. الألمان كتبوا روايتهم الحزينة عن هزيمتهم في روسيا، لكنهم كتبوا قصة صمودهم في الحرب في مواجهة الحلفاء، تماما كما فعل اليابانيون في مواجهة الأمريكان، فهم برغم هزيمتهم كتبوا قصة صمودهم ومأساتهم في الحرب القاسية. الأمريكيون كتبوا هم أيضًا روايتهم الحزينة عن هزيمتهم في مواجهة الفيتناميين، كما نسجوا أساطير عن صمود جنودهم في الأدغال والمستنقعات. الأمم في التاريخ كله تفعل ذلك. في النهاية لدى كل أمة في هذا العالم رواية واحدة منسجمة، متناغمة، لا أثر فيها لأي مزاعم، فالنصر والهزيمة قصة واحدة مترعة بالألم والمأساة.
يقال إن المنتصر هو من يكتب التاريخ. وهذه المقولة إلى حد ما حقيقية بل أقرب إلى الصدق. ففي أكثر من رواية يُصور الزعيم والقائد المنتصر بأنه البطل، ولا يذكر بين تاريخه إلا ما هو حسن، أما ما هو سيئ فُشطب بهدف المحافظة على الصورة المشرقة البراقة له ولا تظهر هذه الحقائق إلا بعد ذهاب صاحبها !!
في التاريخ المعاصر حدثت حروب ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر ما يحدث في اليمن والعراق اليوم نرى ان الحوثيين قاموا بشطب الكثير من أحداث ثورة 26 سبتمبر!!
كما قامت الحكومة العراقية بشطب ما دون من تاريخ في عهد صدام حسين وأيام الاحتلال الأمريكي الذي يدرس للتلاميذ.
فهل هذا هو تاريخ العراق واليمن الذي نعرفه؟
ويظل السؤال قائماً من يكتب التاريخ؟.
وفي مصر تحدثت جل كتب التاريخ عن الملك فاروق بأنه لم يكن حريصا على وطنه وأنه فرط في حقوق مصر لصالح الانجليز. ومجدت هذه الكتب الثورة المصرية، هي التي أنهت الظلم وحررت الشعب. لكن بعد أربعين سنة ظهرت مواقف جديدة تقول إن لديها حقائق كثيرة وأورد بعض المؤرخين أن الملك فاروق لم يكن سيئا كما تذكره معظم كتب التاريخ بل كان محبا لوطنه وأن رجال الثورة كان فيهم من الفساد المالي والاداري الكثير.
كما تطرح مسألة كتابة التاريخ العديد من التساؤلات التي تتأرجح بين حقيقة ما كتب وسيكتب. فقد يكون جزء كبير من التاريخ الذي نقرأه اليوم صحيحا وقد لا يكون لأن كتب التاريخ تخضع لانحياز الكاتب لجهة معينة او للأيدلوجيا التي يحملها. ويقودنا هذا إلى مسألة الموضوعية والتجرّد وإلى أن يفرّق المؤرخ بين التاريخ والدعاية.(التاريخ يكتبه المنتصرون) شعار طالما نادى به تشرشل الذى اخترع علامة النصر حيث أشار بأصبعيه وحتى الآن أصبحت تقليدًا فى كل بقعة من بقاع الأرض!!
وما سبق ذكره تعود بنا الذاكرة الى أزمة الصواريخ الكوبيّة التي نشبت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي ولا شك أنك قرأتَ عن هذهِ الأزمةِ أو شاهدّتها في أحدِ المُسلسلاتِ أو الأفلامِ الأمريكيّة، ولكنّ المفاجأةَ هي أنّ الصّواريخَ في هذهِ الأزمةِ كانت مجرّد كذبة لنتذكّر هذهِ الحادثةِ الّتي تعودُ إلى أيّامِ الحربِ الباردةِ في أوائل الستينات بين أمريكا والاتحاد السّوفيتي الّذي كانَ يُهدّدُ أميركا عن طريقِ زرعِ الصّواريخَ الذريةِ على أبوابها في جزيرة كوبا، حينها حبسَ العالمُ أنفاسهُ لمدّةِ أربعينَ يومًا قبلَ أنْ تحلّ الأزمةُ وتتحاشى البشريّةُ حربًا ذَريةً طاحنة .
السؤال: لو لم يتوصّل البَلدان إلى حلّ توافقيّ هل كانَ خروشوف سيطلق الصّواريخَ و يدمّر الكرةَ الأرضيّة؟ لا أعتقد أنّ عاقلًا يصدّق هذا الأمر!!
وهذا هو الحال اليوم وما يجري من حرب بين روسيا وأوكرانيا والذي تهدد فيه روسيا بحرب ذرية لا تبقي ولا تذر !!
د . علوي عمر بن فريد