الحلقة الثانية
وبعد أن سيطر الحوثيون على كل المؤسسات الحكومية والتعليمية والدينية لصالحهم قام الحوثي بتحويل المجالس القبلية إلى ما يشبه مراكز دينية لنشر فكرهم، فلا تجد سوى محاضرات عبد الملك الحوثي، وتدريس ملازم مؤسس الحركة- حسين الحوثي بشكل إجباري على الطلاب، والمدرسين، وشيوخ القبائل وحتى أساتذة الجامعات !!
ومثل هذه الممارسات مثلت تهديدًا خطيرًا على مستقبل القبيلة حيث يسعى الحوثيون إلى جرف الهُوية الثقافية التقليدية القبلية القائمة على التعايش واحترام المواثيق والعهود ، وفي هذا السياق يقول الباحث والكاتب د. عادل دشيله :
((استخدم الحوثيون "وثيقة الشرف القبلي" التي تم إشهارها في 2015 وتنص على استباحة ومصادرة ممتلكات كل من يعارض الحركة، وقد تم تنفيذها بالقوة العسكرية وصرح رئيس ما يُسمى بمجلس التلاحم القبلي التابع للحركة بأن من لم يقاتل مع الحوثيين فسيتم إجباره على ذلك بالقوة ومن يرفض فسيتم استخدامهم كدروع بشرية تحت مُسمى الغرم القبلي :
والذي يعني أن كل شيخ قبيلة أو فرد من أفراد القبيلة يجب أن يقدم الدعم المالي وكذلك أحد أفراد أسرته للقتال مع الحركة)) انتهى .
واليوم تنقسم القبائل التي تقع تحت سيطرة الحوثيين إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول : البرجماتي ويشكل فئة كبيرة من القبائل، ويمكن أن ينقلبوا على الحركة الحوثية في أي لحظة ،وهذا القسم يقاتل مع الحوثيين من منطلق قومي قبلي حيث يستغل الحوثيون نخوة القبائل وعزتهم في مواجهة ما يسمونه بالعدوان .
القسم الثاني : هو القسم العقائدي الذي يدين بالولاء المطلق للفكر الحوثي وهذا القسم قتل أغلبهم خلال الحرب الماضية 2004-2010 وما بعدهما !!
القسم الثالث : يرسلون أبنائهم وأقاربهم للقتال في صفوف الحوثيين من أجل الحصول على بعض المكاسب مثل السلاح والمال والقوت الضروري،
وفي نهاية المطاف ستجد الحركة الحوثية الهاشمية نفسها وحيدة مثلما وجد قادة الإمامة أنفسهم وحيدين بعد خوضهم الحرب مع النظام الجمهوري المدعوم قبليا ولا يوجد حلفاء حقيقيين للحركة الحوثية سِوى اعتمادها على آلة البطش والتنكيل وإهانة القبائل.
وسيعتمد أي تغيير على إمكانية الصحوة القبلية التي قد تشعلها العنصرية التي تُمارسها الحركة الحوثية ضد القبيلة، حيث تنظر الحركة إليهم كعبيد سخرهم الله لآل البيت، بل تحاول تضخيم مفردات "السيد العلم" بين القبائل في إشارة لزعيم الحركة الحوثية، وهذه المفردات تجعل القبيلة تشعر بالعنصرية من قِبل قادة الحركة الهاشميين، بل إن الحركة تمارس العنصرية حتى في القبور حيث تقوم بتمييز قبور قادتها الهاشميين عن القبائل الذين يقتلون مع الحركة الحوثية في معاركها الدائرة. هذه النظرة الدونية للقبائل كفيلة بعدم استمرار الحوثيين بالتفرد بالحكم في هذه المناطق القبلية على المدى البعيد .وسيؤدي ذلك إلى انقسام القبائل بين أطراف النزاع، وستنقسم إلى فرق متناحرة، وسيتعرض النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي لخطر غير مسبوق، ليس على الشعب اليمني فحسب، ولكن على دول الإقليم قاطبة، وسيمتد هذا الخطر للسلم والأمن الدوليين مما يتوجب إنهاء هذا الوضع القائم عبر تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصراع في اليمن . ( إنتهى )
د. علوي عمر بن فريد
.