خطوة مهمة اقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، من خلال اعادة الهيكلة، وتحديث اداراته واعمدته وخططه المستقبلية، بعد خمسة اعوام من تأسيسه.
استطاع المجلس عبر السنوات الخمس الماضية من سد الفراغ الكبير في الساحة الجنوبية في الجانب السياسي، وخلق حراكا ايجابيا شكل رافعة حقيقية للقضية الجنوبية، التي انتقلت من المد الثوري الشعبوي الي العمل السياسي النخبوي.
ولئن كان المجلس اليوم بحاجة لتطوير ادواته ووسائله وهياكله، فانه ايضا بحاجة لتطوير اداءه في السلطة بصورة موازية بعد ان اصبح شريكا اساسيا فيها، وانتقل بذلك من سلطة غير رسمية الي سلطة رسمية عليها مسؤوليات وواجبات، ومسؤولة امام الجماهير التي فوضته لقيادة المرحلة.
لايكفي ان ينجح المجلس الانتقالي تنظيميا واداريا في داخله، وانما المطلوب ان ينجح ايضا في ادارته للشان العام، وفي المحافظات والوزارات التي يديرها، ويقدم نموذجا ناجحا يعطي الجنوبين املا كبيرا في الحاضر والمستقبل.
المفروض ان لا تقتصر الهيكلة على المجلس واداراته ودوائرة واعمدته وهياكله فحسب، بل تتجاوز ذلك الي هيكلة وتحديث المؤسسات التي يديرها ويشرف عليها داخل السلطة، فهي في تقديري التحدي الاكبر الذي يقف امامه اليوم وعليه ان يجتازه.
اعتقد ان الانتقالي في موضع اقوى لمواجهة قوى الفساد، والدولة العميقة، التي تقاوم التغيير والاصلاحات حفاظا على مصالحها، فالتصادم معها حتمي وضروري، وسيحدث في محطة ما، لان التعايش معها والاستسلام والقبول بالامر الواقع مسألة خطيرة ستؤثر على الانتقالي، وستضعف من دوره وموقفه امام الجماهير المتطلعة للتغيير في اوضاعها واوضاع البلد، وقد تاخر هذا التغيير كثيرا بالنسبة لها.
ان الوصول للسلطة فحسب ليس هدفا رئيسيا لأي مكون او قوة ثورية تحررية قطعت وعودا للجماهير، بل الهدف الرئيسي هو الاصلاح والتغيير والبناء والعدالة، ومن دون التمسك بهذا المشروع، وتلك القيم، فان وجودها في السلطة لن يحييد كثيرا عن وجود الاحزاب التي قبلت بمساوئ السلطة مقابل الهبات والعطايا وخسرت في المقابل قواعدها وجماهيرها، واضمحل دورها داخل المجتمع الذي بات يرفضها ويقاوم طغيانها ووعودها الزائفة.
الانتقالي امام مسؤولية كبيرة يكون او لايكون، وما يزال الوقت والفرص امامه ليعمل مع الناس، ويحقق تطلعاتهم المشروعة في القريب العاجل، مهما كانت المسؤولية كبيرة او معقدة، فهو يعرف كيف يطوع الامور ويختصر المسافات ويسجل الاهداف.