قضية استقلال الجنوب دخلت مرحلة مفصلية ويكاد التاريخ يعيد نفسه وادواته حيث تتنازعها الحوثية الى جانب الاخوانية اليمنية والعفاشية اليمنية مهما اظهرت الاخيرة من تقرّب تكتيكي فـ "تحت الضلوع داءً دويّا".. فنشاطهم في الجنوب يؤكد انهم يعملون بجد ويبدو انهم اكثر مالاً وان كانوا اقل تنظيمية من الاخوان الذين مازالوا اخطر مشروع يمني يواجه مشروع استقلال الجنوب فلديهم الشبكة التنظيمية المتشابكة ومنظمات العمل المدني والاغاثي وورقة الارهاب، وورقة الاخطبوط الذي امسك معظم الادارات العليا والمتوسطة مدنيا وعسكريا وامنيا خلال مرحلة "هادي" وهذه حقيقة لن يقفز عليها احد ويحاولون بقدر المستطاع المحافظة عليه وستكون حجتهم ضد ان اي تغيير متوازن يمس مكتسباتهم انه يستهدف حزب معين!!
الخلاف مع الاخوان ليس لاخوانيتهم فهم حركة في اكثر من سبعين بلدا بحسب الاحصائيات مهما كان الخلاف معهم وليس لانهم الحاضنة التي انبثق منها التطرف وتفرّخ منها الارهاب فهذه الحقيقة تعلمها كل الدول ومع ذلك يتعاملون معهم بازدواجية ، الخلاف معهم ليمننتهم للجنوب واضفاء بعد ديني عليها وخطورتهم ان قامتهم الحزبية والسياسية لم تُكسَر كبقية الاحزاب فلشدة ذرائعيتهم تركوا قامة "شرعية منصور الجنوبية " تنكسر وتحللوا من سلبيات مرحلته لكن مازالت اذرعهم الاخطبوطية متغلغة في كل الادارات والمؤسسات سياسيا واداريا ودبلوماسيا ومنظمات عمل مدني واغاثي...الخ
فقد كانت الحرب بالنسبة لهم فرصة ذهبية انتشروا عبر حكم "هادي" اخطبوطيا في كل المجالات وحققوا مكاسب مضاعفة عشرات المرات عمّا حققوه ايام عفاش فقد كانوا كل شيء في دولة "هادي" وفي هذه الجزئية فان اخطبوطيتهم ليست خطرا على قضية الجنوب فقط؛ بل؛ على الشمال أيضا.
الان يخلقون تفريعات لاجنداتهم يغطونها اما بالتبرؤ من الفساد وهم جزء منه!!! او بصياغات تبدو محايدة وفي حقيقتها تحمل شحنة لتوجيه الراي العام ضد اعدائهم وتأصيل وتثبيت اجندتهم!!
فهم عمليا وسياسيا غرقوا في الفساد السياسي والعسكري والوظيفي خلال الحرب الى قاع القاع وبالكلام يحاربون الفساد باكثر العبارات دغدغة للمشاعر ونموذج ذلك "الهجري" في مرافعاته الاخيرة امام مجلس النواب وكأنه جاء من كوكب ملائكي فوقف "يشرشح" حالة سياسية للشرعية اتسمت بالفساد في كل المجالات كان تياره الاخواني جزاء فاعلا ؛بل؛ كان كل شيء في شرعية "منصور"...
فهل منطقيا ان يكون بريئا نقيا في فسادها!!!؟ وكيف لم تستفق حاسة النقد لدى "الهجري" الا في جلسة المجلس الاخيرة !!!؟ هل هي استفاقة ام حالة تنفس موجهة تريد ان تتبنى الهموم الوطنية بينما حزبه يلعب "بالبيضة والحجر"!!!؟
ومع ان الدكتور احمد عطية قال بوجود هويتين جنوبية ويمنية كلها اصول دخلت في الوحدة وان الحل العاجل للقضية الجنوبية ان وحد عام 90 انتهت وصيغتها انتهت الا ان له صياغة اخيرة من الصياغات التي تبدو محايدة لكنها ملغمة:
(قصص_الإرهاب لا دين له..
ولا وطن له..
ولا مذهب..
تجريف الهوية اليمنية أعظم من تجريف البيوت والأراضي..)...انتهى
فهو يضع في سياق الارهاب ما ليس منه الا من زاوية لخبطة المفاهيم!!، فالمعنى المفهوم من الصياغة ان القضية الجنوبية في سياق الارهاب لانها تجريف للهوية اليمنية!!
ان الهوية اليمنية والجنوبية تعيشان صراعا وطنيا وسياسيا منذ اتحدتا نتيجة الاعتساف النخبوي العروبي الذي ساد بعد خمسينات القرن الماضي وجعل الهوية الجنوبية جزءا من الهوية اليمنية ومازال سائدا لدى نخب وتيارات نخبوية حزبية جنوبية، ولذلك هي هوية قابلة للتجريف وتجريفها ليس في سياق الارهاب بل في سياق منظور تاريخي مختلف اما وضعها في سياقه فهو تأصيل خطر لايقل عن الفتوى الاخوانية في مرحلة سابقة ، فالتأصيل الصحيح هو ان حواضن الارهاب اعظم من الارهاب واعظم من تجريف البيوت والاراضي بل اعظم من تفجير الشرايين الاقتصادية ، فهي تجدده وترفده بالمخرجات المتطرفة ليقتل ويفجر
في الصراع الوطني العدوات دائمة حتى تحقيق الاهداف الوطنية بين طرفي الصراع ولذا فالصراع الوطني الجنوبي مع اليمننة بكل احزابها هو صراع وطني وتجريف للهوية اليمنية سيكون تحصيل حاصل لكن ليس في سياق الارهاب
اما في الصراع السياسي فلا عدوات دائمة ولا صداقات دائمة وطالما الانتقالي دخل مرحلة شراكة سياسية مع اعدائه الوطنيين في سابقة ليست الوحيدة، لذا فانه من الحمق السياسي ان يعادي التيار الاخواني لصالح التيار العفاشي فكلا المشروعين معاديين بل يجب ان يجد مسارات في الشروخ والثارات بين التيارين ينفذ منهما فبينهما شروخ عميقة ولا يظن ظان ان العفاشية اقل عداء من الاخوانية والحوثية بل تساويهما وتعمل بدأب ضد القضية الجنوبية
26 ابريل 2022م