الجنرال العجوز الذي يرفض التقاعد

2022-04-15 23:53

 

صحيح أن الجنرال العجوز علي محسن الأحمر "تم عزله من منصبه بقرار جمهوري"، لكن اعتقد أن السعودية وكل اليمنيين، على أدراك ان الرجل "لم ولن يتقاعد"، ربما هو اليوم حُرر من أي التزامات اخلاقيات تجاه الملف الأمني والعسكري في اليمن، بمعنى ان القرار لم يحيله إلى التعاقد على اعتبار انه كان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية وقائد فعلي لما يسمى بالجيش الوطني في مأرب وميدي ووادي حضرموت وبعض المهرة. في القانون رقم (67) لسنة 1991م، بشأن الخدمة في القوات المسلحة والأمن، مادة (92) فقرة (أ) تنتهي خدمة العسكري ويحال للتقاعد ببلوغه السن التالية من العمر: الضباط من رتبة عميد فأعلى (60) عاماً؛ والرجل اليوم دخل في الـ80 عاماً. قبل تنصيبه نائبا لهادي، كان يتجول في الجبهات ويحاول يقنع السعوديين انه ضد الحوثيين، وانه لديه القدرة على قتالهم، ولا أدرى كيف للرجل الذي سلم صنعاء وفر صوب السفارة السعودية طلباً الأمان، ان يعود لقتال الحوثيين وهو من كان يمتلك أكبر تشكيلات الجيش اليمني "قوات الفرقة الأولى مدرع"، وقائد منطقتين عسكريتين المركزي والشمالية الغربية. أطاح هادي بنائبه خالد بحاح، واستبدله بالجنرال العجوز، في الـ3 من أبريل العام 2016م، وقبلها كان الأحمر قد ظهر قرب ميناء حرض الحدودي البري، وفي الـ7 من أبريل 2022م، يكون الأحمر قد عزل من منصبه لكنه لم يحال للتقاعد. يوم تنصيبه نائبا، هلل الاخوان فرحا "شاهد الظهور الأول لعدو الحوثيين"، مع أن هناك من يقول انه خرج من صنعاء باتفاق او برغبة حوثية، بالدليل ذوبان قوات الفرقة الأولى مدرع. حين تم تعيينه نائبا لهادي، او فرضته بعض الأطراف الاقليمية– كما قيل – خرجت المنصات الإعلامية للإخوان للحديث عن "مفكك طوق صنعاء القبلي".. لكن ماذا حدث؟.

لم يستجب شيوخ قبائل طوق صنعاء، لمفكك الطوق، وبدلا من مقاومة الحوثيين الذين سحلوا الشيوخ في الشوارع، حمل البقية المكانس تلبية لتوجيهات حوثية "بتنظيف الشوارع"، ومع ان النظافة من الإيمان وليست عيبا ان يقوم أي انسان بتنظيف منزل وشارعه وحارته، بل في الامتهان الذي مارسه الحوثيون بشيوخ قبائل طوق صنعاء، ربما ردا على الدعوات المتكررة للقبائل بالثورة ضد الانقلاب الحوثي. الصحافة ومراكز الأبحاث الامريكية تصف علي محسن بـ"بابا القاعدة"، ونحن منذ أيام نتحدث عن سيناريو القاعدة المتوقع خاصة بعد الاختطافات التي حدثت في أبين ووادي حضرموت، وأخرها اختطاف شاحنة تابعة لقوات العمالقة الجنوبية في دثينة. اثنان من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وهما "عيدروس الزبيدي وعثمان مجلي"، واللذان أكدا على ان الأحمر هو الأب الروحي لتنظيم القاعدة. السؤال الذي قد يطرحه كثيرون اليوم.. من يمنح الأحمر حرية الحركة؟ أو بالأحرى "هل يجرؤ رشاد العليمي – رفيق الأحمر لعقود في نظام صالح – ان يهيكل قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت ويدفع بها لمواجهة الحوثيين؟ ام ان المهمة تبدو صعبة؟ واذا كانت تبدو صعبة، فالأمر قد يصور على ان السعودية لم تمنح مجلس القيادة الرئاسي اليمني كل الدعم والغطاء السياسي لتفكيك منظومة الجنرال العجوز الذي يفترض انه يحال الى التقاعد، خاصة وان من يتحدث انه سيظل جنديا للجمهورية، لم يطلق طلقة رصاص صادقة صوب "الامامة الجديدة" التي تمكنت من صنعاء وكل جغرافيا "المملكة المتوكلية" السابقة. كيف سيظل جندياً وقواته سلمت كل أسلحة التحالف للحوثيين في فرضة نهم والجوف وصرواح وقانية والبيضاء وبيحان وعسيلان وعين وحريب؟. نحن نسأل فقط.

 

*- صالح أبوعوذل