بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي ونقل صلاحيات الرئيس هادي كاملة للمجلس وإعفاء الأحمر من منصبة؛ وقد كان ذلك مطلباً شعبياً جنوبياً بدرجة رئيسية؛ بالنظر لدوره السيء والمشبوه في الحرب ضد الإنقلابيين الحوثة؛ والمعادي للجنوب وقضيته الوطنية؛ وبالتوازي مع ذلك تم تشكيل هيئة خاصة بالتشاور والمصالحة وغيرها من اللجان؛ تكون الخطوة الهامة والحاسمة على طريق هيكلة الشرعية المهترئة والغارقة في الفساد قد تمت وهي البداية لما ستليها من خطوات منتظرة بالضرورة. ونستطيع القول بأن ملامح مرحلة جديدة قد بدأت للتو؛ وهي دون أدنى شك ستكون مليئة بالتعقيدات والصعوبات والعراقيل والتحديات والمخاطر ويكتنفها قدر كبير من الغموض كذلك؛ ومع هذا نأمل أن تكون بداية جادة ومسؤولة وعند مستوى الآمال والطموحات في تحقيق السلام والأمن والإستقرار وإخراج الناس من وضعهم المعيشي البائس الذي أصبح جحيماً لا يطاق؛ وستكون الإجراءات والقرارات المتخذة بشأن معالجة أوضاع الناس المختلفة مقياساً حاكماً ومؤشراً مهما على ولوج مرحلة مختلفة عما عاشه الناس وعانوا منه طوال سبع سنوات عجاف . ولعله من المهم الإشارة هنا لما ورد في البيان الختامي للقاء التشاوري بشأن قضية الجنوب؛ والذي أكد على ضرورة إدراج قضية شعب الجنوب في إطار عملية التسوية السياسية القادمة؛ ويمثل ذلك إعترافاً منصفاً وصريحاً بحق الجنوب في التعبير عن نفسه وطرح قضيته في تلك المفاوضات؛ لأنه صاحب الحق الأصيل في ذلك وبما يمكنه من تقرير مصيره بنفسه ووفقا لما سيتفق عليه بهذا الصدد وعلى أسس وقواعد واضحة يرتضيها ويقتنع بها؛ وبعيداً عن الضغوط أو التدليس والتسويف وبأي شكل كان . ولابد لنا هنا من التأكيد بأن إستحقاقات الجنوب الوطنية ورغم الإعتراف بها من هنا أو هناك؛ أو الإقرار بوجودها والدعوة لحلها وبأي صيغة كانت؛ لن تكون مقبولة إلا بالصورة التي حددها شعب الجنوب وأختار طريق الوصول إليها وعبدها بتضحيات إستثنائية عظيمة؛ وأعلنها للجميع وبوضوح تام وصوت مسموع؛ والمتمثلة بإستعادته لدولته الوطنية وسيادته على أرضه وعبر آلية سياسية وقانونية مناسبة يتفق بشأنها مع الأشقاء في الشمال ومع الأطراف الأخرى المعنية بحل أزمة اليمن ووضع قواعد وأسس التسوية المنتظرة . إن الضمانة الحقيقية لنيل الجنوب إستحقاقاته الوطنية والطريق الأكثر أماناً والأقصر طريقاً والأقل تضحية؛ يكمن بتفاهم ووحدة الجنوبيين وتوافقاتهم وقدرتهم على تجاوز تبايناتهم وخلافاتهم؛ وتقديم التنازلات لبعضهم عن فهم وقناعة وإيمان راسخ بعدالة قضيتهم؛ فهنا بالضبط تكمن المسؤولية وتتجسد الروح الوطنية المنحازة للشعب والتاريخ والوفاء للشهداء وعذابات الجرحى وآنين ومعاناة شعبنا خلال عقود ثلاثة .