لصوص لكنهم شرفاااااء

2022-03-15 13:45

 

يُحكى عن واحد من كبار اللصوص في مصر في عهد السلطان "قايتباي" اقتحم وعصابته دار تاجرٍ كبير ووجد نفسه على باب غرفة نومه.

فقال اللص حمّور للتاجر: استر أهل بيتك فنحن اللصوص !!               فقام التاجر بستر زوجته ثم قال للص: خذ ما تريد ولا تقتلنا.

فقال له: لن نقتلك وما أتينا أصلاً للقتل فقط نريد الطعام ليومنا هذا

فقال له التاجر: كم عددكم؟ فقال: تسعة صبيان وأنا العاشر. فأخرج لهم عشرة آلاف قطعة نقدية لكل واحد منهم ألف.

فقال له اللص: لا نأخذ إلا ما نحتاج له فقط فأخذ الألف قطعة وأعاد للتاجر الباقي تسعة ألاف قطعة...!!           

وفي أثناء خروج اللصوص من الدار لاحظ أحدهم علبة كانت تسمى (الحُقْ). فطمع فيها اللص وأخذها وفتحها وتذوقها فوجدها ملحاً!!

 فقال كبير اللصوص: بما أنك أكلت من بيت الرجل ملحاً فلا يحق لنا أن نسرقه !!! وأمر الصبيان بجمع المال ورده للتاجر الذي أصرّ عن طيب نفس أن يعطيهم أربع مائة قطعة فرفض كبيرهم فنزل التاجر إلى مئة قطعة، فزاد أصرار كبير اللصوص !!... فأراد التاجر أن يعطيهم طعاماً فغضب كبيرهم ورفض مجرد النقاش أو التفاوض مع التاجر...

 

وخرج اللصوص دون أخذ أية لقمة من بيت التاجر بسبب حبة ملح أكلها أحد صبيانه لأنَّ العرف آنذاك كان يقضي أنَّ من أكلت من طعامه فلا يحقُّ لك أن تؤذيه حتى ولو كنت لصاً. ومن شربت ماء من بيته أو ألقيت عليه السلام ورده عليك فلا يحق لك أن تسرقه أو تؤذيه حتى ولو كنت لصاً محترفاً.

تلك كانت أخلاق اللصوص أيام زمان!!

 

فكيف هي أخلاق شرفاء وعقلاء زماننا هذا ؟؟!!!ّ

وبعد هذه القصة القديمة سنحاول اسقاطها على واقعنا اليوم الذي يرفض المقارنة بين لصوص زمان ولصوص اليوم!!

فلصوص هذا العصر سرقوا منا كل شيء فقد سرقوا منا الدين وسرقوا الفكر والوطن والوطنية، سرقوا الفرد والجماعة والقبيلة وسرقوا القيم واضفوا على أنفسهم الخصال الحميدة والشجاعة والشرف ومنحوا بعضهم النياشين والأوسمة وقلدوا اتباعهم الرتب والتيجان والنجوم والسيوف والمناصب الخ.

وهم بذلك أذكى وأدهى من لصوص العصور الغابرة ووصلت بهم الوقاحة والجرأة أن يسرقوا الدين والوطن ودماء الشهداء سرقوا معارك الشرف واستعملوا كافة أساليب الخداع والمراوغة سرقوا بطولات الشرفاء وجعلوا من أنفسهم ابطالا !!

انهم لصوص العصر.. فهؤلاء هم الذين يبيعون الوطن، ويتاجرون بمعاناة الشعوب، هؤلاء هم من يأكلون المال الحرام ويتقاسمون ثمن دماء اليتامى والثكالى وعذابات الأسرى والفقراء ولم يكتفوا بما سرقوا، بل نصبوا من أنفسهم رعاة للمظلومين

وبناء على ما تقدم لا تغتروا بهؤلاء المجرمين فهم وحدهم قد تسلقوا جدران الوطنية وادعوا الزهد والصلاح وتقمصوا الدين، وتدثروا برداء الوطنية والإسلام والعروبة والشرف وامتشقوا الوطنية والشرف وخدعونا جميعا وتسلموا المناصب العليا في الدولة وطوعوا الأحزاب لتنفيذ مطامعهم واجنداتهم الخاصة وحازوا بمكرهم كافة المناصب ومراكز القوى في الدولة والمجتمع 

فاحذروهم لأنهم لصوص العصر الأغبر الذي تبدلت فيه القيم

د . علوي عمر بن فريد