أصبحت التحالفات بأنواعها قاعدة أساسية متبعة ورئيسية في ميدان العلاقات الدولية ومنذ زمن بعيد؛ وتشكل جزءاً مهماً من النشاط السياسي للدول وللتكتلات الدولية المختلفة أكانت سياسية أم عسكرية؛ وهي كذلك متبعة من قبل الأحزاب والقوى السياسية في كل بلد. وللتحالفات مكاسب ومنافع متبادلة تقوم أساساً على توازن المصالح بين أطرافها؛ وما يحكم بقائها من عدمه هو معيار الربح والخسارة لكل طرف؛ وعندما تختل هذه المعادلة ويشعر أحد الأطراف بأن حليفه أو حلفائه لا يؤدون ما عليهم من إلتزامات نحوه أو يتآمرون عليه؛ فأنه في هذه الحالة يجد نفسه مضطراً للإنسحاب من هذا التحالف أو ذاك ويبحث له عن بدائل أخرى تؤمن مصالحه وأهدافه وتحترم خياراته الوطنية. ولعله من المهم أن نشير هنا بأن الكثير من الظروف الضاغطة التي لا مفر من تجاوزها؛ تجبر هذا الطرف السياسي أو ذاك على الدخول في تحالفات الضرورة المؤقتة حتى مع بعض الخصوم عندما يكون خطرهم أقل من خطر غيرهم؛ أو تلتقي بعض المصالح المؤقته عند نقاط وأهداف مشتركة تجمع هذه الأطراف مرحلياً؛ وتنطبق هذه الحالة على القوى والأطراف الشمالية؛ بشرط أن تتم بحسابات دقيقة؛ مع عدم السماح لهذا الطرف أو ذاك بأن يجعل من هذا التعاون أو التنسيق مدخلاً لتحقيق أهدافه الخاصة التي تتعارض مع أهداف الجنوب الوطنية؛ وهو ما يتطلب من القوى الجنوبية ذات العلاقة بالتحالف وبغيره رفض أي صيغة تأتي لها ودون قناعتها وموافقتها بهذا الشأن حتى لا تكون شريكاً في ذلك؛ وعليها تقع مسؤولية وطنية في توضيح الأمر للرأي العام . وبالنظر للوضع القائم في المنطقة وما فرضته الحرب الممتدة منذ إعلان ( عاصفة الحزم ) وما تلاها من تداعيات مدمرة وتحولات وتغيرات هائلة طرأت على المشهد السياسي العام؛ أكان ذلك في الجنوب أو على مستوى اليمن والمنطقة؛ فقد حصلت حالة غير مسبوقة من التحالفات والتحالفات المضادة ودرجات وصيغ متعددة للتفاهمات والتنسيقات؛ بما في ذلك الإعلان عن نشوء كيانات مفرخة كثيرة بين وقت وآخر؛ ناهيك عن الإنشقاقات وتنقلات البعض وما أكثرهم بين هذا الكيان أو ذاك بحثاً عن الذات والمصالح الخاصة والضيقة؛ وأغلبها تتخذ من الوطن والوطنية عناوين وشعارات مضللة وخادعة للناس . وإنطلاقاً من كل ذلك وبالنظر للمخاطر المتزايدة والمحدقة بالجنوب وقضيته الوطنية؛ فإننا نكرر هنا دعوتنا وبإخلاص لكل القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية الجنوبية؛ وفي مقدمتها المجلس الإنتقالي الجنوبي إلى التوقف الجاد أمام وضع وطبيعة العلاقات القائمة مع دول التحالف العربي وغيرها من الدول؛ لأهمية ذلك وضرورته الملحة وتقييمها بشكل موضوعي وعلى قاعدة المصالح والأهداف الوطنية الجنوبية التي ينبغي أن تكون سابقة على ما عداها من المصالح والأهداف؛ وبما يجعل القرار الجنوبي حاضراً وكفاعل رئيسي في كل ما يخص الجنوب ويرتبط بتطلعاته الوطنية المشروعة التي يدركها التحالف جيداً. فلم يعد هناك متسعًا من الوقت للتغاضي عن كثير من الأمور والممارسات الضارة بالجنوب والجنوبيين التي أوصلتهم إلى جحيم الحياة؛ وكأنها عقابا لهم على دورهم وتضحياتهم في دحر وهزيمة الحوثيين على أرضهم وعلى مشاركتهم الفاعلة في مناطق وجبهات مختلفة في الشمال إنتصاراً لما بات يعرف بالمشروع العربي الذي يتصدى للمشروع الإيراني في المنطقة !.