دعونا من التفاخر بالقبائل أو بالأنساب أو التمايز باللون، أو التكبر بمستوى التعليم أو بالعصبية للمذاهب، أو الكِبر أو بالتراتبية الاجتماعية والثراء أو بالعصبية للأصول أو حصر الشجاعة واختزالها في قبيلة معينة !!
متى سنهجر شتى أشكال العصبية المستتر منها أو المفضوح انتصارًا لإنسانيتنا؟
متى سنزدري المزايدات على الوطنية بالشكليات والمسميات شعرا أو نثرا ؟؟!!
تجرحنا عصبية الأوروبي لبياض بشرته، فنعتبرها عُنصرية، فيما نتغافل عن تمايزنا بدرجات ألواننا.
تؤذينا المعاملة الدونية والاستعلاء من الغرب، لكننا نمارسها مع البدو وأهلنا في الريف لا نريد من يزرع العصبية والقبلية بيننا فهي تدمر نسيجنا الاجتماعي وتماسكنا وتفرقنا بحيث لا نقوى على مواجهة أعدائنا ، أمثال هؤلاء مرتاحون لدور المحرض على المظلومين في الحياة دون التورّط في توفير حياة عادلة لهم، هذه النوعية وإن صّلت، وإن صامت ،شتان بين هؤلاء وبين «جيفارا» الرجل الثري، الذي غضب لأجل المظلومين وقال:
«إني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجه إلى مظلوم في هذه الدنيا».
نتفاخر بتسيدنا الحضاري كوننا أحفاد سبأ وحمير وكنده وكهلان، فضلًا عن تصارعنا على مراكز الريادة بأثر رجعي سعيًا للمفاخرة، مع أنه لم يكن لنا سهم في انتصارات الأجداد، فيما لو نطق السلف من مراقدهم، لتبرأوا منّا، فيحق فينا قول الشاعر:
«إذا افتخرت بآباء لهم شرف
قلنا صدقت، لكن بئس ما ولدوا»
فشرف الأصل لا يقتضي بالضرورة شرف الفرع كما ورد عن الدكتور عدنان إبراهيم.
ثم ألم ينهانا نبينا (صلى الله عليه وسلم) عن العصبية التي وصفها بالمنتنة «اتركوها فإنها منتنة»
لم يخلق الله أمة لتتفاخر بأنسابها، لكن الخالق لم ير فضلا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى لا بالنسب.
وما دفعني لكتابة هذا المقال إلا بعد أن سمعت أبياتا من الشعر بين شاعرين من أبناء الجنوب اسمعوا لهما ثم احكموا على ما قالا من أبيات أشبه بمساجلة شعرية تنضح بالعصبية الضيقة وتزرع الفرقة والانقسام في صفوف أبناء الجنوب في وقت نواجه فيه خصم شرس لا يفرق بيننا بل يستهدفنا جميعا وهو يعلم أنه لن يصل الى هدفه ومراده إلا إذا زرع بيننا الفتن والتمايز والتفاخر والتعالي والانتقاص من بعضنا بعضا ليسهل عليه اختراقنا من الداخل وفيما يلي أقدم لكم نموذجا لشاعرين من الجنوب حيث يقول الأول:
يا بن عديو ان الجماله للجمل
والعار للجمال لو فات الجميل
قد بدل الله دي يساوون الزلل
و ينزلوها من على شوكه وميل
شبوة جنوبية تسمع للعمل
والعبرة للعبرة من اعمال العميل
راهن فرس مكسور يا وجه الحول
واحنا لراهنكم على المهر الأصيل
جاكم أبو زرعه بعوجان السبل
من راس يافع دي يفكون السبيل
حوله عماليق المنايا والكمل
في كل مكمل با تلاقيهم كميل
ورد عليه الشاعرالاخر:
يا مرحبا حيا بشاعر قد زمل
اعداد ما يرخي وما سيله يسيل
يا بدر ما توقعت يجي منك زلل
نقصت في حق النشامى يا الأصيل
ذكرت أهل يافع وتنسى من رحل
وخصيت أبو زرعه دي شرعه طويل
لكن من المفروض يا لجيد البطل
تعم الجنوب الحر يا الشهم النبيل
من الجنوب الحر كم واحد قتل
كم عد لك يا بدرفي اصحابي قتيل
و ختاما أقول لأبناء الجنوب جميعا اننا في خندق واحد وعدونا شرس لا يرحم وحري بنا ان نترفع عن نكئ الجراحات في هذه الظروف العصيبة وان نوحد الكلمة وننبذ الفرقة و الشتات فمعركتنا واحدة ويجب ان نكون في جبهة واحدة حتى نقهر اعدائنا قبل ان يقهرونا.
د. علوي عمر بن فريد