تطل علينا كل عام في ال 30 من نوفمبر ذكرى الاستقلال للجنوب العربي الذي ولد مشوها ومنقوصا عندما قام فصيل محسوب على الجنوب تحت مسمى "الجبهة القومية" ببيعه مسبقا وسوقه قسرا الى سوق الملح بصنعاء في محاولة لإلغاء هويته وتاريخه ورواد النضال الوطني في الجنوب أمثال: محمد علي الجفري وشيخان الحبشي اللذان سعيا عام 1959م في الأمم المتحدة من أجل استقلال الجنوب حتى تمكنا في ابريل 1963م من الحصول على قرار أممي بحق تقرير المصير وجلاء بريطانيا عن الجنوب ليس هذا فحسب بل قفزت الجبهة القومية متجاهلة كل الثورات القبلية وزعماء القبائل وسلاطين الجنوب الحريصين على وحدة الجنوب العربي أرضا وانسانا واختزلت نضالات شعب الجنوب طوال قرن كامل وجيرته باسمها وحزبها وقبلت أن تكون عميلة بالوكالة للمخابرات العربية واليمنية والدولية عندما استغلوا تمردا قبليا في ردفان في اكتوبر عام 1963م وجعلوا منه ثورة وطنية واختزلوا نضالات شعب الجنوب طوال قرن كامل وهم في أوكارهم في تعز علما أن بريطانيا قد قررت الخروج سلما من الجنوب والخليج العربي بعد هزيمتها في السويس 1956م، واذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن التراث الجنوبي يزخر بقصص واقعية صاغها الحكماء والنابهون من قبلنا تحاكي واقعهم وموروثهم الشعبي وتلامس حياتهم بكل ما فيها من أحداث وهذه واحدة منها أهديها للاشتراكيين الذين ملأوا الدنيا صراخا وضجيجا هذه الايام بمناسبة ال 30 من نوفمبر,
"يحكى أنه في سالف العصر والزمان كانت قبيلة عربية بدوية تسكن على تخوم الصحراء تعيش على رعي المواشي بمختلف أنواعها وكانت الحياة بسيطة ومختلطة، وفجأة أصيب شيخ القبيلة "سالم " بمرض عضال احتار العرافون فيه، ثم زاره عراف مشهور في المنطقة مشهود له بالخبرة والحنكة في معالجة مختلف الأمراض المستعصية، وعندما رآه طريح الفراش لا يقدر على الحركة شخص مرضه بحضور كبار القبيلة وقال له: شفاؤك أن يحملك قومك ويمدون فراشك تحت تلك الشجرة التي في الوادي ثم يبحثون لك عن امرأة طاهرة عفيفة شريفة من نساء القبيلة لم تعرف الحرام سواء كانت عذراء أو متزوجة أو مطلقة وتعبر فوقك قفزا ثلاث مرات وسيكون الشفاء على يديها بإذن الله فانطلق الرجال يسألون نساء القبيلة ويبحثون عن واحدة فيها المواصفات التي ذكرها العراف وكلهن اعتذرن عن تلك المهمة الصعبة لأن لكل واحدة منهن زلة وربما زلات لا يعرفها إلا الله وأخيرا ذكرت لهم عجوز تدعى شمعة معروفة بالزهد والصلاة والصيام والصلاح والتقوى فقبلت القيام بالمهمة !َ! وعندما اقتربت من الشيخ المتمدد للعبور فوقه وضع راحته على جبهته ليتعرف عليها وعرفها ثم قال: من ..؟ شمعه.. شمعه ..؟؟ نسيتي؟ عندما كنا في الشعب الفلاني وتذكرت شمعه وقالت: أنت سالم جعله يشلك ما نسيت؟؟!! وهربت مخزية من وسط القوم!!!
واختم المقال بهذه القصيدة لزميلي الاديب الشاعر سالم هارون والتي تقول:
" يا عيد أكتوبر ويا عيد الجلاء
أهلا وسهلا حتى لا الماء بالسبول
ما عد سوى ذكرى لكم بين الملا
أما الحقيقة ما لكم عد شي قبول
ما عد معي هاجس ولا عد بي سلى
والقيد صعدي في المعاصم والحجول
جابوا لنا مبدأ البراء هو والولاء
لما صبح المالك في الجربة بتول
والبنت ذي كانت في النوبه حلى
غصبى أركبوها ظهر تبكي عالذلول
قدكم تشوفوها قعت وسط البلاء
واليوم شمطاء بعد هذاك الفضول
راحوا الذياب الحمر عالماء والكلاء
ذي كان منها بليس في اطرافه يبول"
وختاما أقول: إن عدتم عدنا
د. علوي عمر بن فريد