نحن أمة لا تقرأ ،وإذا قرأت لا تفهم ..فمن ينسى مقولة وزير الدفاع الإسرائيلي إبان النكسة وحرب أكتوبر (موشى دايان): “إن العرب لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون، وإذا طبقوا لا يأخذون حذرهم” تلك المقولة التي تؤكد مدى صحتها يومًا بعد يوم !!
نعم نحن أمة لا تهتم بالكتاب، وتحارب المعرفة والإبداع، وتعاني من تصحّر معرفي و" ضمور عقلي"، أمة تمجّد الأساطير وتكرس الجهل، وتؤمن بالغيبيات وتفسر الأحلام، ولا زالت مفتونة بحروب الزير سالم وبطولات عنترة ابن شداد، وقصص ألف ليلة وليلة ..وتسكن ذاكرتنا حروب داحس والغبراء هذا لدى العامة !!
أما النخب المثقفة فهم متمردون على الماضي ويطالبون بالحرية ، ويتصدون للطغيان، ويرفضون بيع أنفسهم و يتعرضون للاضطهاد والتهميش وعذاب السجون وأحيانا القتل، ويعانون من الغربة في أوطانهم وفي المهاجر أما الجهلة والأميّون والمنافقون هم الصفوة المختارة وجهابذة العلم والمعرفة، وهم حلفاء السلطة التي تضعهم في الصدارة ، وهم من يشغلون المناصب العليا في الدولة، وهم من يتتّخذ القرارات التي تهم الوطن والمواطنين !!
التخلف في أقطارنا العربية لا زال يضرب أركانها، ومناهجنا لا زالت تدرس الكتب الصفراء المحشوة القائمة على الحفظ والنقل ومحاربة العقل والمنطق ، ولا علاقة لها بعلوم العصر ، وجامعاتنا حوّلناها إلى ساحات حرب حزبية وعشائرية ودينية وجهوية يتواجه فيها الجميع؛ ومستشفياتنا الذي يدخلها يودع أهله الوداع الأخير لأنه قد لا يفيق إلا يوم البعث والنشور.. أما علية القوم فيتعالجون في ألمانيا ومنتجعات سويسرا ..أما معاناة العامة فحدث ولا حرج فخدمات الماء والكهرباء مقطوعة والقمامة تملأ شوارعنا. والمجاري تختلط بمياه الشرب مما يقوي نظام مناعة المواطن ويطيل عمره .
أما دوائرنا الحكومية فإنها تخضع للواسطة والمحسوبية؛ و موظف الدائرة المعني بالأمر لا.. يختم ..على أي ورقة قبل أن يحصل على رشوة .
والقانون لدينا لا يطبق إلا على الفقراء والمساكين و أي مواطن بسيط تورط في قضية قانونية بسيطة قد يعاقب ويسجن بينما أبناء الذوات والعائلات والأغنياء وشيوخ القبائل يسرقون ويعتدون على الآخرين دون عقاب"
ونحن موحّدون سياسيا، ودينيا، واجتماعيا ولا فرق بيننا في ذلك؛ فكلنا محللون سياسيون، وفقهاء ووعاظ في الدين يكفّر بعضنا بعضا، وشيوخ عشائر وأكابر وقادة، وكل واحد منا يظن أنه أحسن من باقي الناس!!
نحن أمّة موحدة في الألم والدموع والجهل والضياع والتخلف والذل والمعاناة ورفض التغيير وخوفها من مخابراتهم وسجونهم؛ ولهذا فإنها لا تستحق أفضل منهم، لأنها لو لم تكن مثلهم " ومن طينتهم " لما قبلت بهم!!
وختاما فالزمن يجري والعالم يتغير على مدار الساعة، ونحن ننتظر على رصيف الزمن ونكتفي بالنظر للأفق على أمل أن يشرق علينا فجر المستقبل الذي لن يأتي .وسيصدق علينا قوله سبحانه على بني إسرائيل :
)) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ)) سورة المائدة –الآية 21- صدق الله العظيم .
د. علوي عمر بن فريد