وطني الغالي لم ولن يرهبنا القتل والموت مهما سفكوا من دماء ..ومهما دمروا من بيوت وقرى ومدن .
حبيبي يا وطني كم تألمت وتألمنا معك ورغم ما أصابك وأصابنا من سهام الأعداء ولازلنا نتمسك بك كتمسك الشجرة بجذورها التي تستمد منها الغذاء والحياة، وحلمنا بأن تثمر هنا في أحضان أرضك الطيبة وعندما رفض الكثيرون من أبنائك الغربة التي أحرقت قلوبهم وعادوا لاحقتهم الغربة داخل الوطن !!
كان البعض من أبنائك يعيشون وراء الحدود سعيا للقمة العيش و لكرامة الإنسان التي افتقدوها في أرض الوطن في حين اختار الكثير من أبنائك البقاء وآمنوا بثباتهم أن الوطن خير من الغربة ..ولكنهم اليوم حزينون، غاضبون وأكاد أقول خائبون لأنهم يشعرون بالغربة داخل الوطن .. رغم أن الهوية نفسها، اللغة نفسها، الوطن نفسه، لكن الانتماءات والأطماع والتطلعات متباينة. التاريخ نفسه.. لكن قراءة التاريخ متباينة.. المستقبل نفسه لكن النظرة للمستقبل متباينة!!
أتنشق هواء وطني وأشم رائحة ترابه فأبتسم وأمتلئ أملاً، ولكن نفسي تعود فتختنق بدخان همومه وتشرذم أبنائه على وقع الخلافات السياسية ومهما حاول المصلحون من أبنائك جمع الشتات والتشرذم يفشلون لتباين المصالح والأهداف ونظل نسعى دون كلل حتى يجف الحلق وتعقد الغصة الحنجرة، تدمع العين وينبض القلب ألماً وموتًا مع كل نبضة حياة.
نعم وحدهم الشرفاء من أبنائك اليوم وحدهم يصارعون ويصرخون: " نحن نختنق، نحن لا نستطيع التنفس"!!
وأضم صرختي لصرخة الكثيرين من أبناء وطني :
أنا بحاجة لأتنفس حرية وكرامة
أنا بحاجة لأتنفس عدلاً وأخوّة
أنا بحاجة لأتنفس محبة وإنسانية
أنا بحاجة لأتنفس تقدماً وازدهاراً.
هذا هو الهواء الذي ينعشني، وهذه هي الروح التي تبعث فيّ الحياة. عدا عن ذلك، فأنا في غربة تلاحقني وتقتلني.
حرروني من غربتي وأعيدوا لي نفس الحياة، أعيدوا لي وطني !!
أو كما قال الشاعر فاروق جويده :
وكلما اشتد حلم
عاد ينكسر
في الحلم موتي
مع الجلاد مقصلتي
وبين موتي وحلمي
ينزف العمر
أن يحكم الجهل أرضا
كيف ينقذها
خيط من النور
وسط الليل ينحسر
د. علوي عمر بن فريد