الانتقالي الجنوبي ينهي ربع قرن من تغييب الندية

2020-12-13 19:42

 

البناء السوي والسليم سواء كان بناء معمارياً او حتى بناء اي مشروع وطني يتكىء على قضية وارث سياسي وشعب وارض وجغرافيا ،، لن يكتب لهذا البناء  النجاح والديمومة إلا بتأسيس مداميك  قوية يرتكز عليه ذلك البناء ليعلوا ويرتفع  ويتم تمامه بعيدا عن التخبط والارتجال  

 

وانطلاقا من هذا المفهوم وإسقاطه على واقع التحليل السياسي لمجريات الامور فان القرأة السياسية التي تزعج وتقلق غالبية العظمى من المأزومين في حزب الاصلاح وغيرهم من موضوع وجود حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب والمنبثقة من اتفاق الرياض الذي حاولوا تعطيل تنفيذه لاكثر من عام ومازالوا يحاولون بيأس شديد ،،

 

هم يفهون ويوقنون من ان وجود حكومة مناصفة بين ( الشمال والجنوب ) تعتبر من الناحية السياسية نقطة ارتكاز محوري ومكتسب سياسي غير مسبوق للقضية الجنوبية كونها اول مدماك سوي وحقيقي في اساس بناء العمل السياسي والتفاوضي القادم لا محالة في نهاية الأمر ،، فهي اعتراف سياسي واضح يستعيد الندية السياسية والاعتراف الإقليمي والموافقة الضمنية لبقية الدول صانعة القرار بكينونة وندية الجنوب ومكوناته وعلى رأسهم المجلس الانتقالي الجنوبي امام ندية الشمال واحزابه بعد ان تم تغييب وطمس تلك الندية طوال ربع قرن من قبل اساطين واباطرة السلطة والأحزاب شمالاً بعد حربهم اجتياحهم للجنوب عام 1994م .

 

نحن هنا لا نناقش نجاح عمل هذه الحكومة المولودة بعملية قيصرية بعد تعسر استمر عام وشهر ،، فتلك أمور نتمناها ونستعجل ظهورها بشكل فوري لتلامس حياة المواطنين خاصة في المناطق المحررة لان مجمل الوضع الاقتصادي والخدماتي بها وصل إلى الانهيار التام ويحتاج إلى نقاط التقاء أكثر من نقاط افتراق ،،

 

لكننا بهذا الطرح نحاول أن نوصل حقيقة المفهوم السياسي لوجود حكومة مناصفة ( شمالية جنوبية ) ومايعنية وجود وتخلق مثل هكذا مناصفة سياسية تعيد حقيقة مايجب أن يكون عليه الأمر منذ ربع قرن بين جنوب كان دولة وشمال كان دولة وهو توازن سياسي طبيعي  ليس فيه انتقاص للشمال ،، لانه ببساطة  حق أصيل للجنوب أرضا وانساناً .

 

ومايزيد من انزاعجهم من وجودها هو انها ستلغي وتنهي إلى الأبد نظرية الكذب والتدليس التي أطلقها مؤسس حزب الاصلاح عبدالله بن حسين الأحمر والذي عمم فيها زوراً وكذباً من أن ( الجنوب فرعاً عاد إلى الأصل ) ليبرروا اجتياحهم للجنوب بقوة الحديد والنار وفتاوى التكفير بعد فشل مشروع الوحدة واصطدمه بواقع لم يلبي طموح واحلام الشعب الجنوبي على وجه الخصوص ليفشل ذلك المشروع  بين دولتين مستقلتين ونظاميين سياسيين كانوا اصلاً على النقيض من بعضهما طوال فترة نشؤهما كدول ، والوصف هنا سياسي بحت لا نقصد فيه اي إلغاء او اساءة للعلاقات الأخوية والحبية بين شعبين لم تزدهم الوحدة مع الأسف إلا افتراقاً وتشظياً بسبب اطماع النخب السياسية وأنانيتها..

 

هذا الواقع الجديد القادم الذي فرضه نضال وتضحيات وصبر وثبات الشعب الجنوبي وتوجته دماء الشهداء وأدار عمليته السياسية والتفاوضية والميدانية المجلس الانتقالي الجنوبي بتمكن واقتدار شكل لهؤلاء المأزومين ضربة سياسية موجعة سيتسمر وجعها على المدى الطويل وستأتي أكلها على المنظور القريب لذلك تجدهم اليوم سكارى وماهم بسكارى .

 

فبمجرد وجود وظهور حكومة  المناصفة بين الشمال والجنوب إلى العلن يكون بذلك المجلس الانتقالي الجنوبي  قد أعاد الامور سياسياً إلى وضعها الطبيعي المفترض بين الشمال والجنوب وقام بوضع الحصان امام العربة لتمضي في طريقها ،، بعد أن كانوا هم قد وضعوا العربة امام الحصان طوال ربع قرن من الزمن ولم تمضي العربة إلى شيء  ،،

 

وبهذا يكون الانتقالي قد اعاد رمانة الميزان السياسي المنظم للعلاقة الندية بين الشمال والجنوب لكي تستوي كفتيه امام بعضهما ليؤسس من خلال هذا التوازن لمراحل قادمة تتسم رغم انوف الكارهين بمشاركة وجودية حقيقة للندية السياسية للجنوب أرضا وانسانا كما يفترض به أن يكون اصلا ،، لا بمثل أن إرادوه أن يكون   .

 

عبدالقادر القاضي

أبو نشوان